معلم اللغة العربية يُعاني من مشكلات مزمنة ضمن الواقع العربي الراهن، فقد أفرزت ثورة التكنولوجيا وسنوات الاستعمار استهتارًا بقدراته وملكاته، وتصغيرًا لدوره، وتحقيرًا لشخصه بدأت مع ميلاد السينما ودور الخيالة، وكان ضمنها فيلم قام ببطولته ممثل وممثلة، لا ينتميان إلى حقل التعليم.
في فيلم الأستاذ حمام غنت ليلى مراد "أبجد هوز حطي كلمن شكل الأستاذ بقى منسجمن"، ناهيك عمَّا تسبَّب فيه ذلك الممثل من امتهان لشخصية المعلم (قصة معلم اللغة العربية)، ثم تتالت الأفلام والمسلسلات التي امتهنت شخصية المعلم وجعله يلبس النظارة الغليظة (قعر الكباية) في مشاهد لا تُعبِّر إطلاقًا سوى عن عدم المسؤولية تجاه دور المعلم، وهذا جعله يفقد الثقة بنفسه.
ومع انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية تتابعت النكبات على معلم اللغة العربية، فهو رغم كونه ضمن دائرة الدروس الخصوصية، فإن اللغة العربية لا تحظى باحترام أهلها، وليس ذلك مثل احترامهم للغات الأخرى وأصحابها والمتخصصين فيها، وانتشر العبث بشخصيته حتى جاء ممثل مصري فأشرف علينا بوضع مغاير لمعلم اللغة العربية، وجعله ضمن أحداث المسلسل قاسيًا وغريب الملامح.
الكوميديا إذا لم تترك معلم اللغة العربية كما هو، بل أفرطت بالاستهزاء به حتى نودي معلمو اللغة العربية وعلى نطاق واسع باسم صاحب المسلسل وشخصيته الشهيرة، وتتابعت المشكلات على المعلم، وخاصة معلم اللغة العربية بعد تفشي الغلاء، وضياع فرص العمل فسافر إلى الدول العربية ليلتقط الحب والنوى ضمن لافتات مكتوب فيها "مطلوب معلم لغة عربية".
حاله في الغربة لا يقل عن حاله في بلده؛ فمعلم اللغة العربية المصري إذا سافر عومل معاملة قاسية، وفقد اعتزازه بنفسه.
الحلول الناجزة التي تُعالج مشكلة معلم اللغة العربية تكون بالآتي:
أولًا: مواجهة ما يراد باللغة العربية وأهلها من التفرنج والأمركة؛ فمن المعروف أن اللغة العربية مستهدفة كونها لسان هذه الأمة المستهدفة من المحيط إلى الخليج ولغة التعبير لأكثر من مليار مسلم، وليس غريبًا ما سأقوله عن دور التفرنج والأمركة في الصراع حول أحقية ثقافات القارة العجوز وأمريكا الشمالية من السيادة على ثقافات الشعوب الأخرى، ومن ضمنها الشعوب العربية.
هذا، وتأخذ تلك النعرات والحرب الثقافية عدَّة سبل؛ منها: الإعلام، الذي يحث على احتقار معلم اللغة العربية ووضعه في دائرة سيئة، وهي دائرة السُّخرية والتهكُّم.
ثانيًا: وضع المناهج التعليمية التي تصب في مصلحة المعلم وتعالج مشكله الاستهزاء بملكاته ومهاراته، وتقدم اللغة العربية على غيرها من اللغات مع عدم الافتئات على اللغات الأخرى؛ لدورها في معركة النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة، مثل السياحة والاستثمار.
ثالثًا: وضع قيم وجوانب تثقيفية في الإعلام المرئي والمسموع، وتدشين مواقع إنترنت تختص بالرفع من قيمة اللغة العربية ومعلمي اللغة العربية.
رابعًا: إثراء المحتوى العربي على الفضاء الإلكتروني باللغة العربية الفصحى حتى يتحقق لها وجود على الإنترنت.
خامسًا: توجيه السينما والمسرح في بعض القطاعات من أجل رفع مستويات المسلسلات والأفلام، التي تحث على احترام المعلم – وتحديدًا معلم اللغة العربية – مثل مسلسل: ضمير أبلة حكمت، وغيره من المسلسلات الداعمة لدور المعلم وهيبته وشخصيته.
سادسًا: اجتثاث بؤر التفرنج والتقليد الأعمى للغرب، وتدعيم القائمين على مصلحة التعريب والمدافعين عن الثقافة الإسلامية ومعلم اللغة العربية.