للفنون عالمٌ واسعٌ، حيث تكثر أنواعه وتنتشر في كل أنحاء العالم، وتختلف اختلافًا كاملًا، وأحيانًا جزئيًّا، وللفنون فروعٌ وأقسام، وسنتحدَّث اليوم عن فنٍ كتابي نجح به الكثير ووصلوا بهِ إلى أعالي المجد بسبب إبداعهم وبذل جهودهم وإظهار جميع مواهبهم، وهذا الفن هو الفن الكتابي في كتابة المقالات الأدبية، حيث إن لهذا الفن أساسيات مهمة لا يتقنها الجميع ويبدع بها القليل لتبقى كتابتهم تنبض بالحياةِ منذ السنين الغابرة وحتى المستقبل البعيد، ولكن كيف لهؤلاء أن يبدعوا بمجالٍ كهذا؟ وما هو المقال الأدبي وما أساسياته؟! سنتعرَّف على كل ذلكَ معًا، وسنتعلَّم كيفية كتابة مقالة أدبية جميلة ومُتقنة، فتابعوا معنا..
ما المقال الأدبي وكيف أصبحت شهرته منتشرةً هذه الأيام؟
منذ الزمن القديم وقبل أن يظهر عالم النت وينتشر بين الجميع كان هناك كتّابٌ مشهورون تظهر أعمالهم على الصحف والمجلات، وكانت أسماؤهم تنتقل بين الأفواه محدثةَ ضجةً كبيرةً في عالم الفن الأدبي، ولكن وعلى الرغم من ذلك كانت أعدادهم ليست بالكبيرة ومن ينتشر اسمه يكون من أولئك القلة الذين استطاعوا الوصول إلى عالم الشهرة، كانت كتاباتهم مثيرة، تنبض بالحياة، لا يتم اختيارها عبثًا، ولهم خبرةٌ طويلةٌ بهذا المجال، أما في أيامنا هذه وبعد أن أصبح عالم النت مفتاحَ وصلٍ بين الجميع ومسهلًا لكثيرٍ من الأعمال أصبح باستطاعة أي شخصٍ أن ينضم لقائمة الكتّاب إذا اجتهد وأظهر مواهبه، لم يعد هناك تعقيداتٌ وصعوباتٌ، بل كل ما يجب عليه فعله أن ينشر أعماله ويعلن عنها وينشرها أكثر فأكثر ليذاع اسمه بين الصفحات ويصبح من أشهر الكتّاب في العصر الحديث، على الرغم من ذلك ومع هذه الإيجابيات ظهرت الكثير من السلبيات أيضًا! حيث اعتقد الكثير أن بمقدور أي شخصٍ أن يصبح كهؤلاء الكتّاب المبدعين، وهو لا يعلم بأن القرّاء المثقفين لا يبحثون إلا عن الإبداع واللمسة الذهبية التي لا نجدها بكل سهولة، وبذلك انتشرت أعمالٌ كثيرة بعضها شوّه الفن الأدبي والآخر شوّه اللغة، فاختلط الحابل بالنابل، على الرغم من كل ذلك ومن كل هذه البلبلة التي حدثت فما زال المبدعون في أعلى القائمة، وما زالت كتاباتهم تتفوق على الجميع لترمي المتشبهين بهم على جنب وترتقي بنفسها بصمت، ولذلك أردنا أن نوضح معنى المقال الأدبي وكيف للشخص أن يكتبه ليصبح حقًا من المبدعين وليس متشبهًا بهم من دون أي خبرةٍ سابقة أو معرفةٍ كبيرة بالأمر، فتابعوا معنا لتتعلموا كيفية كتابة مقال أدبي مميز..
وللمقال الأدبي أهميته الكبيرة، حيث إنه يدخل في أكثر من مجال ويناقش أهم الموضوعات التي يبحث عنها الأفراد والمجتمع، فد يتحدث عن فكرةٍ اجتماعيةٍ أو ثقافيةٍ أو دينية، ويظهر آراء المجتمع والرأي الشخصي للكاتب، ويتميز المقال الأدبي بأسلوبه الجميل والجذاب، بشكلٍ بسيطٍ وواضحٍ وبكلماتٍ أدبيةٍ قد يدخل بها الخيال ليضفي جمالًا عليها وشوقًا لإكمالها، ولا ننسى أن في الفن الأدبي عمقًا في الأفكار والتشبيه والخيال، وقد ترى من بين سطور الموضوع خاطرةً جميلةً تقتبسها لتضعها في مفضلتك، وقد تجد كلماتٍ مميزة تضعها ضمن قاموسك، وحتى لو وجدت كلمةً غريبةً فقد تجد لها تفسيرًا ومعنى حتى لا تبقى حائرًا، ومع ذلك لن تجدها معقدة فالموضوع الأدبي يبتعد عن التعقيد ويحاول أن يظهر بأجمل مظهرٍ لقارئيه، فينتشر ويصبح محورًا للنقاش والاهتمام ويرفع من قيمة كاتبه وشُهرته.
تعرَّف على كيفية كتابة مقال أدبي من خلال معرفة أنواعه
عندما تريد تعلُّم كيفية كتابة مقال أدبي يجب أن تعلم أن للمقال الأدبي نوعين سواءً كان مقال أدبي قصير أو طويلًا، وهذان النوعان هما:
المقال الوصفي: ومن اسمه تستطيع أن تعلم بأنه لوصف شيءٍ معين كالطبيعةِ والجمال والمشاعر وغيرهم بشكلٍ مميز وجذاب، يتم ترتيبه بشكلٍ متقن يحرك فيه الأحاسيس ويريح النفس، وقد يفعل العكس إن كان يصف شيئًا سيئًا أو موضوعًا محزنًا ومؤثرًا، بكل اختصار فهو وصفٌ مؤثر وعلى الكاتب أن يتمتع بالخيال وبمجموعة مفرداتٍ كبيرةٍ ليستطيع أن يجعل وصفه رائعًا ومميزًا.
المقال الاجتماعي: وهذا النوع مطلوبٌ بكثرة بسبب كونه يبحث في عدة مواضيع سئمَ منها المجتمع ويبحث لها عن حلول أو ليهدئ من غضب الناس وهو يتحدث عن مشاكلهم ويضع أمامهم حلولًا وخياراتٍ لتجنب المشاكل، وقد تتحدث هذه المقالات الاجتماعية عن المشاكل بين الأفراد وعن مشاكل المراهقين، وعن الأم أو العمل، وعن الفساد أو ضيق المعيشة، وعن الكثير من الأمور الأخرى المشابهة.
تعرَّف على أسلوبي الكتابة لتتعلَّم كيفية كتابة المقال الأدبي
عندما تكتب مقالًا أدبيًا يجب عليكَ أن تختار بين أسلوبين، وهما:
الكتابة الذاتية: وفي هذه الطريقة تكتب من قلبك وتظهر بالمقال شخصيتك وآراؤك وانفعالاتك وتعابيرك وإحساساتك! ويبدع بها الكثير بسبب كونهم مؤثرين بكلماتهم وذوي منطقٍ وأسلوبٍ ساحر يغير الآراء ويشعل الحماس! وبالطبع ستستخدم بها أسلوبك الرفيع بلغتك وتعبر عما تريد بخيالك ودون تكلف! بل تقوم بإيصال الفكرة بكل سهولة وبشكلٍ مثيرٍ للإعجاب، ولتظهر كتاباتك بشكلٍ أجمل فحاول أن تضيف لها طباقًا وجناسًا بشكلٍ جميلٍ وخفيفٍ فهي تجمل الموضوع بشكلٍ كبير.
الكتابة الموضوعية: بهذا الأسلوب لن تحتاج لإظهار رأيك والتعبير عن مشاعرك، بل كل ما يجب عليك فعله هو وضع الحقائق من دون أن تظهر أي تعبيرٍ لشخصيتك أو رأيٍ لك! وعلى المقال أن يكون رسميًّا ومنظمًا بشكلٍ جميل وذا عباراتٍ واضحة كالأسلوب العلمي.
أمورٌ مهمة يجب الحرص عليها عند كتابة المقالات الأدبية
يغفل الكثير عن أهم الأمور التي يجب أن توجد في المقال الأدبي وغيره من المقالات، حيث إن هناك أمورًا قد تدمر مقالك إن غفلت عنها وتذهب كل عنائك سُدى! ومن هذه الأمور الأساسية في كيفية كتابة مقال أدبي:
ترتيب أقسام المقال
كما في المقال العلمي تقسيمٌ وترتيب، فذلك أيضًا في المقال الأدبي، حيث يكون الترتيب كالآتي:
المقدمة أولًا:
لا تستطيع أن تدخل إلى لُبِّ الموضوع من دون مقدمة! سيكون الأمر غريبًا جدًّا وغير منطقي، فالمقدمة هي تمهيدٌ لحضور الموضوع الأساسي تتحدث عنه بشكلٍ تمهيدي وتطرح أمورًا يتساءل عنها الكثير ليحصل على الإجابات في نص المقال.
النص الأساسي:
بعد التمهيد للموضوع وطرح تساؤلاتٍ كبيرة يأتي النص الأساسي ليتحدث عن لُبِّ الموضوع بشكلٍ موسعٍ وكبيٍر فيوضح كل أمرٍ غريب ويضع الإجابات لكل التساؤلات، كما أنه يجب وضع أكثر من قسم في النص الأساسي والترتيب والترقيم من أهم الأمور لإكمال جمالية الموضوع وأناقته، فالتسلسل هو ما يجعل الموضوع رائعًا ويستحق التكملة أما إن كان عشوائيًّا فلن يجذب أحدًا!
الخاتمة أخيرًا:
تأتي الخاتمة في النهاية وبعد أن ينتهي النص الأساسي ونكون قد وصلنا للفكرة المعينة نتحدَّث في الخاتمة عن النتيجة وعن خلاصة الموضوع بأكمله ويجب على الخاتمة أن لا تكون طويلة، بل هي موجزٌ بسيطٌ وملخصٌ بسيطٌ للموضوع.
وضع الاقتباسات والأمثال والأشعار
في المقال الأدبي يجب أن تجذب الاهتمام بوضع اقتباساتٍ أو حتى قصةٍ شعبية ومثلٍ أو شعر تناسب الموضوع أو الفقرة المحددة، وعند وضع شيءٍ كهذا فيجب أن يكون قد وضعَ في المكان المناسب تمامًا وفي محله بالضبط.
اللغة السليمة الخالية من الأخطاء الإملائية والقواعد
يتميز كل مقال أدبي بجمال اللغة وخلوها من الأخطاء سواءً كانت إملائية أو أخطاءً بالقواعد! فيجب أن تحرص كامل الحرص على سلامة لغتك والتدقيق أكثر من مرة ومراجعة النص ليخرج بشكلٍ جميلٍ وسليمٍ.
التحسين من الأسلوب وإضافة مفرداتٍ جديدةٍ
لتحسين أسلوبك وإضافة مفرداتٍ جديدةٍ إلى قاموسك ولتكون الأفضل ولديك خبرة كافية في كيفية كتابة مقال أدبي لا بُدَّ من أن تقرأ كتبًا خاصةً لتعليم الإنشاء فتعرفك على بعض الأساليب وتوضح لك معاني الكلمات فتزيد من معرفتك وتزيد من خبرتك، وبالطبع فإن قراءة الكتب الأدبية حتى وإن لم تكن تعليمية ستُسهم في رفع مستواك وخبرتك بإذن الله.
الخيال والتشبيه
في التشبيه الأدبي ستعتمدُ كثيرًا على خيالك الواسع بشكلٍ مثير، وسنضع مثالًا على ذلك، إن أردت الحديث في مقالك عن شخصٍ يخون أقربَ الناس إليه وأردت تشبيهه فتستطيع ذلك كما التالي:
بعد أن ارتفع المنطادُ بهِ إلى أعالي السماء.. أمسكَ بدبوسٍ حاد وثقبَ المنطاد الذي يركبه بأمان ليسقطا معًا ويتحطَّما! ولكنهُ لم يعلم ومن غروره بأن النّاس ستبقى تذكر المنطاد وتلومه، بقولهم: لقد كان المنطاد جميلًا وساعده على الارتفاع، ولكنه لم يقدّر هذا الجمال والإحسان وحطمّ الأحلام!
وهذا مثالٌ بسيط قد تستطيع الخروج بمثالٍ أجملَ منه وأكثر إحكامًا، وكل ذلك سيعتمد على خيالك وحسن أسلوبك، وبالطبع خبرتك.
عدد الكلمات وتحديد الأسلوب من الأمور المهمة في كيفية كتابة مقال أدبي
عندما تكتب مقالًا معينًا وتريد نشره على مجلةٍ أو موقع إلكتروني فيجب أن تلتزم بعدد كلماتٍ معينة تحدده المجلة أو الموقع، ومن الأفضل أن يكون الموضوع معتدل الطول فلا هو بقصير جدًّا ولا بطويلٍ مُملٍّ.
والأسلوب عليك أن تختاره وفقًا لموضوع المقال، فإن كان موضوعًا للنساء فعليك أن تعلم كيف تجذبهم بأسلوبك فأسلوب الحديث مع النساء مختلفٌ عن الرجال بالطبع! وكذلك يختلف أسلوب المقال الموجه للأطفال عن المقال المُوجَّه للمُراهقين أو الكبار، سيعتمد هذا الأمر عليك وعلى خبرتك وإبداعك.
الفن والخيال في المقال الأدبي لا ينتهي
عندما تطبق جميع الأساسيات في المقال الأدبي وتنجزه على أكمل وجه ستكون قد تعلمت كيفية كتابة مقال أدبي وستتفاجأ مما كتبت وقد لا تصدق نفسك حتى! حيث سيصبح عقلك يعملُ بشكلٍ رائع فيعطيك أكثر من مصطلح ومفردات ويعطيكَ أكثر من أسلوب ويجعلك تغرق في الخيال، فكل محبٍ للأدب يبحث عن الأدب الخيالي المميز، فالخيال كالمحيط الواسع العميق، إن غرقت به من الصعب الخروج وحتى وإن خرجت فستكون قد أخرجت معك كنوزًا ثمينة من أعماق هذا المحيط، وبذلك وقبل أن تعلم قد تصبح كاتبًا أدبيًا مشهورًا يذيع صيتك ويفتخر بك أبناء بلدك، ابدأ من الآن ولا تتوقف فمن طلب العلا سهر الليالي، وستصل إلى ما تريد بعون الله.