فنُّ صناعة التَّرجمة لا يكتسب بسهولة بقدر ما هو يحتاج إلى كثيرٍ من التدريب وبذل الجهد، ومنها ثم اكتساب كثيرٍ من الخبرة، التي يكتسبها المترجم من خلال شغله على مر العديد من السنين، فليس كل من ينقل من لغة إلى أخرى يستطيع يأخذ لقب مترجم بهذه البساطة، فإنه لعمل شاق، بل ويحتاج إلى كثيرٍ من الدقة والمراجعة أكثر من أنه إعادة صياغة نص من لغة إلى أخرى.
وسوف نقدِّم لك بعض النقاط الهامة من خلاصة خبرات بعض المترجمين المحترفين التي اكتسبوها على مر عدة سنوات، ومنها:
-
التركيز على التدقيق النحوي واللغوي هو إحدى ركائز التَّرجمة.
-
مراعاة استخدام الضمائر في حالة إعادة الصياغة للعربية حتى وإن لم تذكر في النص الإنجليزي.
-
فهم النص جيدًا والغرض منه وإعادة قراءته مرارًا وتكرارًا.
-
إعادة الصياغة النص بلغة أهل بلد المتلقي حتى تكون الجمل مفهومة وخالية من الغموض.
-
عدم استخدام المصطلحات العامية أو اللغة المحلية تمامًا.
وهذه تُعدُّ أهم مفاتيح للحصول على ترجمة أقرب إلى الصواب كما سوف نزيد عليها ببعض النصائح الهامة حتى تساعدك في الحصول على ترجمة صحيحة، وهي:
- إن التَّرجمة تكون باللغة العربية الفصحى وعدم استخدام أي مصطلحات عامية تخصُّ أي دولة حتى وإن كانت معروفة ومتداولة.
- عدم إضافة أي شيء على النص الأصلي، وخاصة فيما يتعلق بالمحتوى والمضمون حتى وإن كان مخالفًا لك وثقافة الفئة التي توجه لها التَّرجمة، فهذا ليس من شأن المترجم أن يغير فيه تحت بند إعادة الصياغة.
- مراعاة القواعد النحوية حتى لا يصبح النص غامضًا وغير مفهوم.
- تعلُّم الصور والتشبيهات البلاغية ومعرفة مقابلها في اللغة الهدف، للتفنُّن في النقل وإظهار مواطن الجمال في كلتا اللغتين.
ثم تأتى بعد بذلك أهم مرحلة في التَّرجمة، وهي مرحلة الصياغة، وهي التي بدورها تضيف الإبداع إلى النص من خلالها يتم تبديل المرادفات، واستخدام ما يناسبها بأكثر من معنى في اللغة التي يُترجم لها، وعند استخدام هذه المرادفات العربية والإنجليزية، وحين تترجم جملة ما وتشعر بعد ترجمتها أنها غير معبرة رغم أنك ترجمتها حرفيًّا تمامًا، ولكن توزيع الكلمات واختيار المرادفات غير مناسب، فهنا يُفضَّل إضافة كلمات وتعبيرات من عند المترجم لربط الجملة أو تفسير أو اختصار، وتقتصر عن تفسيره التَّرجمة الملتزمة، وهنا يأتي دور المترجم الذي يستطيع تأليف كلمة أو عدة كلمات ووضعها ضمن الحوار دون أن يشعر المتلقي بأنه كلام دخيل على النص، بل إنه يكون مفسرًا تمامًا للنص الأصلي.
ولكن على المترجم معرفة الفرق بين التَّرجمة وإعادة الصياغة التي هي فقط إحدى خطوات التَّرجمة، ويجب مراعاة المترجم في مراحلة إعادة الصياغة ألا يبتعد عن النص كثيرًا ولا يحذف ألفاظًا بالغة الأهمية، أو الإتيان بألفاظ لم تضف إلى النص شيئًا، أو تكون غير ملائمة، نظرًا لأن هذا يرجع إلى أن المترجم لم يفهم النص جيدًا.
وهذا لأن إعادة الصياغة الصحيحة هي الإطناب والإسهاب في شرح النص، والمساعدة على توصيل هدفه كما هو مقصود في النص الأصلي، وذلك باستخدام المترادفات والتراكيب التي بدورها تزيد من فهم المتلقي للنص، من ثم تأتي مرحلة إعادة الصياغة من اللغة الأصلية للغة المستهدفة، والتي يستخدم فيها المترجم التراكيب النحوية واللفظية المقابلة للمعنى في اللغة المستهدفة التَّرجمة إليها.
قضية الأمانة في التَّرجمة
هي أساس وعماد التَّرجمة، والتي إن حدث فيها خلل قد يؤثر على صاحبه بالسلب، والتي على أساسها يتم نقل المعنى بشكل واضح وسليم كما ينبغي، أما لو حدث فيها خلل فقد يهدد مصداقية المترجم ومصداقية باقي أعماله.
من أجل هذا القضية يُرجى من المترجم قراءة النص الأصلي مرارًا وتكرارًا، وأن يكون مُلمًّا بجميع الجوانب الثقافية وعادات وتقاليد أهل اللغة التي يترجمها، حتى يفهم جيدًا غرض وهدف النص حتى لا يقع في دائرة الاتهام بأنه يحرف النص، وفي بعض الأحيان قد يتم اتهامه بسرقة النص أيضًا، والتي من شأنها أن تودي بحياته العملية في مجال التَّرجمة، وخاصة إذا ما كان يترجم نصًّا أو كتابًا دينيًّا، فهو أمر في غاية الخطورة، ويُمكن أن يكون أكثر من التَّرجمة من نص علمي، فالنص العلمي قابل للبحث والتدقيق، ومن ثم يتم اكتشاف ما إن كان به أخطاء لغوية، والتي لا تمثل أهمية كبيرة من أن يكون الغرض العلمي واضحًا ومفهومًا، فهم ليسوا أهلًا للغة من أجل أن نناقش هنا مسائلها نحوية، وما إلى ذلك.
ولكن في حالة النص الديني فإن المتلقي يركز في كل كلمة ومعنى وحرف وتشبيه بلاغي، والتي بدورها تؤثِّر في إيمانه وعقيدته والتي يُرفض التشكيك فيها، فإذا ما حدث خطأ أو خلل فيها فقد يطيح بالنص بأكمله، وهذا ما يرفضه المتلقي تمامًا.