هنا سوف نستكمل ما قد عرضنها في المقال السابق من الأخطاء الشائعة عند التَّرجمة من اللغة الإنجليزية للغة العربية، التي من شأنها أن تُطيح بالمعنى المرجو، وتستبدله بمعنى من الممكن أن يكون عكسه في المعنى الحرفي والضمني.
تاسعًا: أشهر الأخطاء التي يقع فيها المترجم الحرفي، والتي تؤدِّي به لمعنى غير مُتَّفق لُغويًا، ومنها الآتي:
_ عند استخدم كلمة cover فهي تصلح لأن تكون عوضًا عن معانٍ كثيرة في اللغة الإنجليزية، ولكن عند التَّرجمة للغة العربية وما بها من مفردات عديدة التي من شأنها أن تتفرَّد كل كلمة بمعناها، فإن استخدام كلمة cover في جملة قد يأتي بمعنى يُغطِّي أو ينقل أو ينشر، لذلك من الخطأ أن نستخدمها في كل الأحيان على أنها تُغطِّي، ومثال على ذلك عند قول: (قام الصَّحافي بتغطية الحدث) فأفضل منه أن نقول: (قام الصَّحافي بنقل الحدث)، نظرًا لأنه المفردة هنا لها بديل أكثر وضوحًا، ومعنى عوضنا عن معانها الحرفي المستخدم في اللغة الإنجليزية.
– عند استخدام البعض كلمة ضد، وهي ترجمة حرفية لكلمة against في اللغة الإنجليزية. فيُقال: (حارب ضد الاستعمار)، و(ينبغي أن يسعى الآباء لتلقيح أبنائهم ضد الجُدري)، و(صدر حكم ضد فلان)، وغير ذلك. وينصب الاعتراض على أن الأسلوب الذي يلجأ إلى استعمال هذه الكلمة، هو أسلوب يخالف طرق التعبير العربية. فالقول إن (فلانًا يُحارب ضد الاستعمار) يُفهم منه أن هذا المُحارب مُخالف للاستعمار، أي إنه يُحارب في جبهة أخرى غير الجبهة المُعادية للاستعمار. والصواب في ذلك القول: (شنَّ حربًا على الاستعمار). وبالنسبة لبقية الأمثلة (يجب تلقيح الأطفال من الجُدري)، و(صدر حكم بحق فلان أو عليه).
– عند ترجمة كلمة مثل كلمة reach فهي كما هو مُتعارف بمعنى يصل، ولكن عند إعادة صياغتها إلى النصِّ العربى قد يغفل البعض في أن يتبعها بحرف الجر إلى حتى يكتمل المعنى لغويًا، فمثلًا عند قول: (وصل الطالب المدرسة متأخرًا)، فالأفضل لنا هنا هو قول: (وصل إلى المدرسة الطالب متأخرًا) لأن فعل وصل في اللغة العربية هو فعل مُتعدٍّ لمفعولين، وهذه ضرورة الإلمام بالقواعد النحوية للغتين المستخدمتين في التَّرجمة.
– تُستخدم كلمة according التي بمعنى طبقًا في كثير من الأحيان في اللغة الإنجليزية وتنوب عن كثيرٍ من المُرادفات التي مثلها في نفس المعنى، ولكن عند التَّرجمة للغة العربية في كثير من المواضع تكون ترجمتها حرفيًّا بمعنى طبقًا، يحمل شيئًا من الخطأ، ومثال على ذلك عند قول: (طبقًا لكلام ناظر المدرسة)، فمن الأصح لغويًّا هنا هو قول: (وفقًا لكلام ناظر المدرسة).
– عند ترجمة كلمة مثل via إلى اللغة العربية، فهي بمعنى عبر، فعندما نقول: (عبر أجهزة الاتصال)، والأكثر صوابًا من ذلك أن تقول: (بأجهزة الاتصال)، أو (بواسطة الاتصال).
عاشرًا: اللغة الإنجليزية قد تستعوض عن كثرة الكلام باستخدام الزوائد، أي المقاطع المعينة التي قد تضيفها إلى كلمة تستعوض بها عن كلمة كاملة، وهو ما يعرف بالـaffixes، فمثلًا مثل كلمة privatization، والتي وضعت لها ترجمات عدة، مثل: الخصخصة أو التخصيص أو التخصيصية. وهذه كلها ترجمات غير دقيقة لغويًّا للكلمة، ومن الأفضل أن نعوض عنها بجملة كاملة مثل (التحوُّل إلى القطاع الخاص)، وأيضًا كلمة مثل Islamization التي يمكن ترجمتها: (تطبيق الشريعة الإسلامية)، وغير ذلك كثير مما يمكن القياس عليه.
حادي عشر: الاستخدام الخاطئ لحروف الجر المختلفة والخلط بين حرفي الجر (إلى) و(لام الجر)، وهو ما يترجم إلى الإنجليزية بنفس الكلمة، وهي to والتي تشمل المعنيين، لكن عند التَّرجمة للغة العربية، كل حرف جر منهما له استخدامه ومعنى مُغاير تمامًا للآخر، فمثلًا عند قول: (كتبت خطابًا إلى مدير المصنع)، فهذا لغويًّا في اللغة العربية غير صحيح، والأفضل هو قول: (كتبت خطابًا لمدير المصنع)، كما أيضًا عند قول: (ذهب الطالب للمدرسة متأخرًا)، فالأصح هنا هو قول: (ذهب الطالب إلى المدرسة متأخرًا).
ثاني عشر: استخدام نفس المفاهيم التي يريد الغرب ترويجها وشيوعها عند التَّرجمة. فمثلًا عند كتابة الغرب لما يدور من صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يقولون: Israel and the Palestinians. فهم يريدون أن يستقر في ذهن القارئ أن إسرائيل هي دولة لها كيان قائم، أما الفلسطينيون فهم أفراد بلا دولة. ولذلك فعلينا نحن حين نترجم، أن نقول: "الفلسطينيون والإسرائيليون"، أو أن نقول: "فلسطين وإسرائيل"، لا أن نقع فيما يريدونه أن يستقر في أذهاننا، فنقول: "إسرائيل والفلسطينيون".
من خلال هذا العرض السريع لبعض الاستخدامات الخاطئة التي يقع فيها المترجمون، وخاصة المبتدئين عند التَّرجمة من اللغة الإنجليزية للغة العربية، والتي أغلبها ينم على ضعف التدقيق اللغوى، وعدم إتقان القواعد النحوية بشكل كبير وقلة حصيلة المترجم من المترادفات.