إن التَّرجمة تَفسَدُ حين يقوم بها من ليس متخصصًا فيها، فهي حرفة وفن وعلم أولًا وأخيرًا، وقد يترتب على ذلك كثير من الأخطاء الكارثية التي من شأنها تدمير النص تمامًا، واستخدام الألفاظ غير مناسبة، وخاصة حينما يكون الأمر أمام جمهور، فقد يسبب كثيرًا من اللبس وسوء الفهم ويغاير المعنى المنشود، وما سوف نقوم بتناوله الآن هو الأخطاء الشائعة في التَّرجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية.
أولًا: استخدام كثيرٍ من الأسماء المعطوفة في جملة واحدة طويلة من دون استخدام أداة عطف قبل كل اسم، فهذا يُعدُّ اختلافًا جوهريًّا بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية ويجب مراعاته، حتى لا يحدث خلط بين القواعد التنسيق للغة العربية واللغة الإنجليزية، ويصبح النص مفتقرًا للتنسيق بين جُمله.
ثانيًا: استخدام أكثر من مضاف إلى المضاف إليه، ولكن الأفضل أن يتبع المضاف إليه مضاف آخر به ضمير يعود على المضاف إليه مثال على ذلك عند قول: (ازدياد واشتداد الحر) يمكن القول: (ازدياد الحر واشتداده).
ثالثًا: استخدام ضمير الفاعل والإتيان به قبل الفاعل في الجملة، مثل قول (إن له عدة فوائد هامَّة في علاج تحسين وظائف الكبد، يستخدم الزنجبيل في علاج كثيرٍ من الأمراض)، فالأصح هنا هو قول: (يُستخدم الزنجبيل في علاج كثيرٍ من الأمراض، وذلك بأن له عدة فوائد هامَّة في علاج تحسين وظائف الكبد).
رابعًا: التخفيف من استعمال المفعول المطلق في التَّرجمة، ليحل محل كلمات أو عبارات أخرى مترجمة، مثل: "بصورة – بشكل – لدرجة – على نحو"، كالقول: "مشيت بصورة جيدة"، و"سار بشكل حسن"، و"إن قامته طويلة لدرجة أنها تسد الباب"، و"ظهر على نحو واضح". وهذه كلها استعمالات بعيدة عن العربية، والأصح منها أن يقال: "مشيت مشيًا جيدًا"، و"سار سيرًا حسنًا"، و"إن قامته طويلة طولًا يسد الباب"، و"ظهر ظهورًا واضحًا". أي استعمال المفعول المطلق للدلالة على الحالات التي ذُكرت.
خامسًا: عند ترجمة بعض الكلمات فمن الممكن أن نغير من محلها في الإعراب وإعادة صياغتها في النص العربي بصورة أخرى مغايرة لموقعها النحوي في اللغة الإنجليزية، مثال استخدم كلمة cancel، فهي بمعنى لاغٍ، عند قول (أصبح الميعاد لاغيًا)، فهنا في سياق اللغة الإنجليزية مقبول ومفهوم نوعًا ما، لكن عند ترجمته وإعادة صياغته للغة العربية، من الأفضل لنا أن نستخدمها كاسم مفعول فتصبح (أصبح الميعاد ملغيًّا)، فهذا من حيث التدقيق اللغوي أصبح المعنى أكثر وضوحًا مما سبق.
سادسًا: يتم استخدم كلمة by في اللغة الإنجليزية في حالات كثيرة، والتي منها ما يكون من أجل وزن الجملة لغويًا، ولكن عند الترجمة إلى اللغة العربية يكون من الأفضل حذفها، فهي معناها (من قبل)، ومثال على أن حذفها يكون أفضل عند قول: (لقد سجلت الأسماء من قبل المعلم)، فالأفضل القول هنا: (لقد سجل المعلم الأسماء) وحذف by كان أفضل لسلامة الجملة لغويًّا.
سابعًا: من الكلمات الأكثر استخدامًا أيضًا في اللغة الإنجليزية كلمة (بالنسبة) فتذكر في كثير من الأحيان من أجل ربط الجملة ببعضها، ولكن عند استخدامها في اللغة العربية يفضل أن تحذف لأنها قد تسبب في بعض الأحيان حدوث فهم خاطئ للجملة، فمثال على ذلك عند قول: (نجح أحمد في الامتحان، وبالنسبة لمحمد فقد رسب في بعض المواد) فعند قول هذه الجملة لغويًا قد يحدث سوء فهم عند المتلقي، والأفضل هنا أن نقول: (نجح أحمد في الامتحان، أما محمد فقد رسب في بعض المواد) من أجل المحافظة على سلامة الجملة، وهذا هو دور المدققين اللغويين في موقع بيسكلز.
ثامنًا: عند ترجمة كلمة still إلى اللغة العربية فكثير يترجمها على أنها (ما زال)، فهو يترجم ترجمة حرفية صحيحة، لكن حين يتم وضعها في الجملة، من الممكن أن تعطي معنى آخر غير المقصود، فهي دائمًا ما توحي بمعنى فيه دعا ورجاء، مثل: (ما زالت الدولة تكافح الارهاب)، فالمعنى هنا غير ملائم بعض الشيء، ومن الأفضل قول: (ما زالت الدولة تكافح الإرهاب)، وهنا فإن حرفًا واحدًا جعل الجملة أكثر دقة ووضوحًا، ولهذا تُعتبر إعادة صياغة النصوص إلى اللغة العربية عملًا شاقًّا وليس بهيِّن، كما يعتقد البعض، ومن هنا يتأكد دور الثقافة المهمة عند التَّرجمة للغتين مختلفتين، كما أن للإلمام بجميع القواعد النحوية واللغوية دورًا رئيسيًّا في عملية التَّرجمة، لا يمكن أن يُهمَّش أو أن يأخذ اهتمامًا أقل من عملية تحويل المفردات من لغة إلى أخرى، والذي يعتقد البعض أنه بمجرد إتقانه للترجمة الحرفية يصبح من الممكن أن يطلق علية لقب مترجم.
وهنا قد نتناول بعض النقاط الهامة في توضيح الأخطاء الشائعة عند التَّرجمة للغة العربية، ولهذا يُتبع هذا المقال..