المفعول لأجله حين تريد ذكر سبب فعل دون أن تطيل الكلام في هذا السبب فينبغي عليك أن تستعمل المفعول لأجله، والمفاعيل في اللغة العربية وعلم النحو كثيرة منها المفعول به والمفعول المطلق والمفعول فيه والمفعول معه والمفعول لأجله، والأخير هو موضوع مقالنا هذا، وسوف تجد فيه أهم ما يميز المفعول لأجله دون التعرض لخلافات النحاة وأقوالهم؛ فهو شرح مبسط مشفوع بتدريب بسيط وميسر.
مقدمة في تعريف المفعول لأجله:
المفعول لأجله أو المفعول من أجله أو المفعول له هي أسماء لمسمى واحد، وهو مصدر يذكر في الجملة الفعلية تعليلًا للفعل أو سببًا له، ويصلح جوابًا على سؤال يبدأ بـ (لِمَ أو لماذا أو ما)، وهو في الوقت نفسه مصدر قلبيٌّ مثل الخوف والطمع والرغبة والحب والكراهية والجبن؛ أي الأفعال الباطنة والتي محلها القلوب.
وهو يشترك مع الفعل في زمانه وفاعله؛ فإذا قلنا: يصلي المؤمن رغبةً في دخول الجنة؛ فإن المفعول لأجله هنا هو كلمة (رغبةً) والفعل هنا هو (يصلي)، وهو مشترك مع المفعول لأجله في زمانه فالصلاة حدثت في الوقت نفسه مع الرغبة في دخول الجنة، والذي يصلي ويرغب في دخول الجنة هو الفاعل (المؤمن).
الفرق بين المفعول لأجله والمفعول المطلق:
المفعول لأجله يختلف عن المفعول المطلق، وإن كان بعض النحاة أنكر وجود المفعول المطلق وحمل المصادر المنصوبة على أنها مفعول مطلق، حتى إن بعض النحاة قالوا: إن المفعول له والمفعول معه لا وجود لهما، ولكن الراجح من مذاهبهم يعترف بوجود المفعول لأجله، والفرق بين المفعول لأجله والمفعول المطلق أن المفعول لأجله ليس من لفظ الفعل الذي ذكر كسبب لوقوعه، أما المفعول المطلق فهو مصدر من لفظ الفعل نفسه ويشبهه في حروفه.
العامل في المفعول لأجله:
العامل في نصب المفعول لأجله هو الفعل؛ مثل: ذاكر الطالب رغبة في النجاح.
فكلمة (رغبة) نصبت بالفعل (ذاكر)، ولكن بعض مشتقات الفعل قد تنوب عنه – وهذا جائز – في نصب المفعول لأجله أو العمل فيه، وهي:
- المصدر: وقوفًا الطالب احترامًا للمعلم، فالمصدر وقوفًا هو الذي ناب عن الفعل في العمل في المفعول لأجله (احترامًا).
- اسم الفعل: صه إنصاتًا للخطيب على المنبر.؛ فاسم الفعل (صهْ) هو العامل في المصدر القلبي إنصاتًا، وقد عمل عملَ الفعل اسكت نفسه؛ فنصب المفعول لأجله.
- اسم الفاعل: ناصرًا الحق شجاعةً أحمد؛ فاسم الفاعل ناصرًا ناب عن الفعل نصر في نصب المصدر أو المفعول لأجله شجاعة.
- اسم المفعول: مقدَّرة جهودهم فوزًا المتسابقون؛ فاسم المفعول مقدرة هو الذي نصب المفعول لأجله فوزًا.
أنواع المفعول لأجله:
يدور المفعول لأجله بين ثلاثة أنواع أساسية، تختلف عن بعضها، وإن كانت تختلف في حكمها الإعرابي بين الرفع والنصب، وأنواع المفعول لأجله الثلاثة هي:
- المجرد من (أل) والإضافة، ويغلب عليه النصب ويقل فيه الجر بحرف الجر؛ مثل: يقف الطلاب تقديرًا للمعلم، فكلمة تقديرًا إعرابها الغالب مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وقد يجر فنقول: لتقدير المعلم.
- المعرف بـ (أل)، ويغلب عليه الجر ويجوز النصب في مثل:
- عاقب المعلم التلميذ للتأديب، ويجوز: تأديبًا.
- قاتل المجاهدون للدفاع عن البلاد، ويجوز قليلًا نصبها؛ فنقول: دفاعًا.
- لا أقعد الجبنَ عن الهيجاء؛ فقد نصب الفاعل هنا المفعول لأجله المعرف بـ (أل) وهو قليل والأغلب جرها؛ فنقول في غير هذا البيت الشعري (للجبن).
- المضاف إلى معرفة: ويتساوى فيه نصب المفعول لأجله وجره؛ مثل:
- قال – تعالى: “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق”، ويجوز في غير القرآن أن نقول: من خشية؛ فيتساوى فيهما النصب والجر.
شروط المفعول لأجله:
لكي تعرب الكلمة مفعولًا لأجله يجب أن يتوفر فيها بعض الشروط، وإن كان هناك خلاف قديم بين النحويين والبصريين وخلاف حديث عند عبده الراجحي وشوقي ضيف والغلاييني وغيرهم حول إعرابها.
الشرط الأول: المفعول لأجله يجب أن يكون مصدرًا قلبيًّا، والمقصود بالمصدر القلبي هو عبارة عن مشاعر لها طبيعة نفسية محلها القلب؛ مثل: الحب والكراهية والخوف من حدوث مكروه والرغبة والطمع، وهذا يعني أيضًا أن المصدر لا مشتق ولا جامد. ولدينا أمثلة على ذلك؛ منها:
- استشهد الجندي؛ دفاعًا عن الوطن.
فكلمة (دفاعًا) مصدر قلبي وإعرابها: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الشرط الثاني: ينبغي أن يكون ذلك المصدر القلبي هو السبب المباشر لوقوع الفعل الذي في أول الجملة، وهناك أمثلة على ذلك؛ منها:
- فرح الوالد ابتهاجًا بنجاح ولده.
كلمة (ابتهاجًا) هي السبب المباشر للفرح، وإعرابها: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الشرط الثالث: من المهم معرفة وجوب حصول المصدر القلب والفعل قبله في زمن واحد، كما ينبغي التأكيد على وحدة فاعلهما فهو واحد.. انظر إلى المثال التالي: صلى محمد خوفًا من الله.
فإنك إذا تأملت المثال ستجد أن الصلاة وهي الفعل والخوف وهو المفعول لأجله حدثًا في زمن واحد، كما أن فاعلهما واحد وهو (محمد).
الشرط الرابع: من الجائز تقديم المصدر المنصوب أو المفعول لأجله على الفعل؛ مثل: خوفًا من الله صلى محمدٌ.
أمثلة من القرآن والأدب على المفعول لأجله:
- قال – تعالى – في سورة البقرة: “وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله”.
- قال – تعالى – في سورة الإسراء: “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق”.
- قال – تعالى – في سورة البقرة: “يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت”.
- قال – تعالى – في سورة البقرة – أيضًا: “ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم”.
- قال الإمام علي – كرم الله وجهه:
أتصبر للبلوى عزاءً وحسبة … فتؤجر أم تسلو سلو البهائمِ
- قال ابن زيدون في نونيته الشهيرة:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا … شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
إنك إذا تأملت الكلمات التي وردت في الآيات القرآنية والأبيات الشعرية السابقة ستجد أنها يصدق عليها إعراب المفعول لأجله وشروطه، وهذه الكلمات هي على الترتيب: (ابتغاء – خشية – حذر – حسدًا – عزاءً – شوقًا)
تدريبات على المفعول لأجله وحلها:
س: أعرب ما تحته خط في الأمثلة التالية:
- خفض التلميذ صوته تقديرًا للمعلم.
- تواضع المؤمن حبًّا للمؤمنين.
- قتل الصهاينة المسلمين تشفيًا في المجاهدين.
ج: 1- تقديرًا: المفعول لأجله في الجملة وإعرابه: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة. 2- حبًّا: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة. 3- تشفيًا: هو المفعول لأجله المنصوب وعلامة نصبه الفتحة.
س: أكمل مكان النقط بالمفعول لأجله:
- استشهد المقاومون ……. عن القدس.
(دفاعًا)
- قتل الطغاة المؤمنين ……. لدينهم.
(طمسًا)
- آتى الغني الزكاة …… في مرضاة الله.
(طمعًا)
- أنصت الرجال ……. للخطيب.
(تشجيعًا)
ملحوظة:
تجدر الإشارة إلى أنه بعد استخدام علامات الترقيم في هذا العصر غلب على الكتاب استخدام الفاصلة المنقوطة (؛) قبل المفعول لأجله؛ لذا لزم التنويه.
اقرأ أيضا :