القرآن الكريم هو المصدر الأول للشريعة الإسلامية ونور القلوب وهدى الأرواح، وقراءته تُعد عبادة عظيمة تقرب المسلم من الله تعالى وتفتح له أبواب السعادة والطمأنينة، فهو كتاب الهداية الذي يُزكي النفس البشرية، ويشفي القلوب من همومها، ويضيء دروب الحياة، وقد أوصى النبي ﷺ بتلاوته والتدبر في آياته، حيث قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه”، مما يجعل قراءة القرآن مفتاحًا للخير والبركة في الدنيا والآخرة، كما أن له أثرًا عظيمًا في تهذيب الأخلاق وتزكية النفوس.
عدد سور القرآن الكريم
القرآن الكريم يتألف من 114 سورة، وتتنوع هذه السور في طولها، حيث تتراوح بين سور قصيرة مثل سورة الكوثر وسورة النصر، وسور طويلة مثل سورة البقرة وآل عمران، وكل سورة من سور القرآن تحمل رسائل وأحكامًا مختلفة، وتغطي جوانب متعددة من الحياة الإنسانية، من الإيمان والعبادة إلى الأخلاق والتوجيهات الاجتماعية، كما تختلف سور القرآن من حيث نزولها، فمنها ما نزل في مكة المكرمة، ويطلق عليها السور المكية، ومنها ما نزل في المدينة المنورة وتعرف بالسور المدنية، وهذه السور بمجموعها تُشكل الكتاب الكامل الذي هو هداية ورحمة للمؤمنين.
فضل قراءة سورة البقرة
قراءة سورة البقرة من أعظم الوسائل لتحصين البيت من الشياطين والحسد، فهي تحتوي على معاني عظيمة وآيات تحمل بركات وفوائد روحية كبيرة، وقد أكد النبي ﷺ على فضل هذه السورة بقوله: “اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة” (رواه مسلم)، حيث تشير “البطلة” إلى السحرة، مما يدل على قوتها في دفع الشرور وحماية المسلم من المكائد، كما أن المواظبة على قراءتها تجعل البيت مكانًا مطمئنًا بعيدًا عن تأثير الشياطين، لما جاء في حديث النبي ﷺ: “إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة” (رواه مسلم).
ولتحقيق هذه الحماية، يُنصح بقراءة سورة البقرة بشكل دوري، ويفضل أن تكون القراءة كل ثلاثة أيام، وفقًا لما فهمه العلماء من الأحاديث النبوية، فهذه المداومة ليست فقط وسيلة لتحصين البيت، بل هي كذلك باب لجلب البركة والطمأنينة لأهله، وتذكيرهم بقدرة الله وحفظه، كما أن قراءة سورة البقرة تعزز الإيمان وتجدد صلة العبد بربه، فهي مليئة بالآيات التي تدعو للتأمل والتدبر، مما يجعلها عبادة عظيمة الأثر في الدنيا والآخرة.
أسباب نزول سورة الملك
سورة الملك هي إحدى السور المكية التي تركز على ترسيخ عقيدة التوحيد وتنبيه الناس إلى عظمة الله وقدرته المطلقة على الخلق والتدبير، حيث تضمنت السورة دعوة للتأمل في ملكوت السماوات والأرض، وبيان مصير الإنسان بين الجزاء والعقاب في الآخرة، فقد جاءت الآيات بأسلوب مؤثر يُذكر بعظمة الخالق وعلمه المحيط بكل شيء، مما يلفت الأنظار إلى أهمية التفكر في آيات الله واستشعار مسؤوليته في الحياة الدنيا.
وقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في سبب نزول هذه السورة، أنها نزلت في مشركين كانوا يعادون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتآمرون عليه سرًا، حيث قال بعضهم لبعض: “أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ لِئَلَّا يَسْمَعَ إِلَهُ مُحَمَّدٍ”. فأخبر جبريل -عليه السلام- النبي -صلى الله عليه وسلم- بما قالوا، فأنزل الله تعالى: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، فقد تُظهر هذه الآيات شمول علم الله لكل ما يدور في قلوب البشر، سواء أعلنه الإنسان أو أخفاه، مما يشكل تحذيرًا للمشركين وتنبيهًا للمؤمنين لتقوى الله في السر والعلن، مع إدراك أن الله عليم بما تخفيه النفوس.