إنَّ الفنَّ مولودٌ من رحمِ الإبداعِ؛ ذلكَ الإبداعُ الذي هو شقيقُ الشَّغفِ، ورفيقُ الإتقان، وهذهِ العناصرُ الثَّلاثةُ حضورها أساسيٌّ في كلِّ عملٍ فنِّيٍّ، وللفنِّ تشعُّباتٌ كثيرةٌ وأنواعٌ لا تعدُّ ولا تُحصى، فلدينا الرَّسمُ مثلًا، والعزفُ، والغناءُ، والتَّمثيل.. إلخ.
ويكادُ الرَّسمُ يكونُ أرقى هذهِ الأنواعِ جميعًا، فهو تجسيدٌ للأفكارِ والصُّورِ الموجودةِ في مُخيِّلتنا، والتي تحملنا معها إلى كلِّ مكانٍ تحلِّقُ وتجولُ فيه، وتغلِّفُ هذا التَّجسيدَ مشاعرُ مختلفةٌ من أملٍ وحزنٍ وبهجةٍ وألمٍ وخيبة وغيرها الكثيرُ الكثير، فأنت عندما تبداُ بالرّسمِ تشعرُ وكأنَّكَ في مملكتكَ الخاصّة التي تبنيها بأدواتكَ المتفرِّدةِ وأساليبكَ التي تميِّزكَ عن غيرك وتسقِطُ عليها اِنفعالاتكَ الذَّاتيّةَ المرتبطةَ بألوانِ واِنحناءاتِ الخطوطِ في تلكَ اللّوحةِ الجميلة.
هناكَ بعضُ الأشياءِ التي يمكنكَ فعلها لتغدو محترفًا في هذا الفنِّ وبارعًا فيه:
-
عليكَ أن تتدرَّبَ على الرَّسمِ على الدَّوام وتستطيعُ فعلَ ذلكَ من خلالِ اِلتحاقكَ بأحدِ معاهدِ تعليمِ الرَّسمِ في مدينتكَ فهناكَ توجدُ أجواءٌ محفِّزةٌ على اِستخراجِ المواهبِ الدّفينةِ واِستثمارها والعنايةِ بها وصقلهَا مهما كانتْ غضّةً، ولا تيأسَ إن كانَ لديكَ بعضُ الأخطاءِ لأنَّ هذا طبيعيٌّ، فأنتَ ما زلتَ في البداياتِ وأولى خطواتِ الطَّريق.
-
أو يُمكنكَ تعلُّمُ خطواتِ الرَّسمِ الأساسيَّةِ من خلالِ مشاهدتكَ لفيديوهاتِ اليوتيوب المخصَّصةِ لذلك، فهي تكونُ مبسَّطةً من أجلِ المُبتدئينَ ومُمتعةٌ جدًّا أو أن تضعَ لوحةً أمامكَ وتقومَ بنقلِ تفاصيلها إلى لوحتكَ، فهذا يساعدُ كثيرًا على التَّعلُّم.
- تستطيعُ أيضًا أن تقومَ بالاِطِّلاعِ على أعمالِ بعضِ الفنَّانينَ المُحترفينَ أو أن تطلبَ مُساعدةً من أحدِ أصدقائكَ ذوي الخبرة في هذا المجالِ ليعينكَ على التَّعلُّمِ بسُرعةٍ وينبِّهكَ على أخطائك لكي تتفاداها وتستفيدَ منها، حتًّى إنَّهُ سيلعبُ دورًا فعَّالًا في شحذِ طاقتكَ وتشجيعكَ على المُتابعة.
لا تنسَ أنَّكَ بعد أن تُصبحَ محترفًا ستصيرُّ من الفنَّانينَ المعروفينَ في بلدكَ أو حتَّى خارجَ حدودِ البلاد، وسيكونُ باِستطاعتكَ رسمُ اللَّوحاتِ وبيعها بمبالغَ جيِّدةٍ، كأنْ يطلبَ النّاسُ منكَ رسمَ صورهِم وصورِ أصدقائهِم المُحبَّبة إليهم أو بعضِ المشاهدِ الطَّبيعيّةِ الأخَّاذة كالشَّمسِ وغروبها والبحرِ وأمواجه.. إلخ، ومع اِزدياد خبراتكَ ومهاراتكَ يزدادُ الطَّلبُ على رسومكَ يومًا بعد يوم، وبذلكَ يتضاعفُ مردودكَ الماديُّ بشكلٍ كبيرٍ وملحوظ، لكن عليك أوّلًا ألَّا تكونَ شخصًا مادِّيًّا كي لا يتجرَّدَ فنُّكَ من مادَّتهِ الأساسيَّةِ، والتي هي الإبداع.
لدينا من حيثُ الغاياتِ نوعانِ من الفنَّانين:
الأوَّلُ يُمارسُ فنَّهُ لمجرَّدِ تحصيلِ المكاسبِ الماديَّةِ، وتغيبُ عنده متعةُ تذوُّقِ هذا الفنِّ.
- أمَّا الثَّاني فيجمعُ في رسوماتهِ جماليَّاتِ الفنِّ وغاياتهِ النَّبيلةِ دونَ أن ينظرَ إلى تلكَ المكاسبِ الماديَّة التي قد تُفسدُ عمله.
أمَّا بالنَّظرِ إلى الموهبةِ فينقسمُ الفنَّانون إلى:
-
الفنَّانُ الموهوب: وهو الذي رُزِقَ الموهبةَ من اللَّهِ عزَّ وجَلَّ بنسبةِ 20%، وينبغي عليهِ أن يسيرَ نحوَ التَّطويرِ كي ترتفعَ نسبةُ تلكَ الموهبةِ لديه، ويستطيعَ الاِستفادةَ منها كما هو اللَّازم.
- الفنَّانُ غيرُ الموهوب: هو مَن لم يمتلكْ الموهبة قَط، بل يقومُ باِكتسابها ممَّن حوله، وذلكَ بتعلُّمِ الرَّسمِ بالطُّرق الأكاديميّة مثلًا، حتَّى إنَّهُ يستطيعُ أن يكونَ بارعًا أكثرَ من الفنَّانِ الموهوب إنْ كانَ جادًّا وطموحًا.
تخيَّل نفسكَ بعدَ إنهاءِ لوحتكَ الأولى، كيفَ سيكونُ شعوركَ في تلكَ اللَّحظة؟، بالتأكيدِ لن تكونَ إلَّا راضيًا عن نفسك وفخورًا بالذي أنجزته حتَّى وإن كانَ بسيطًا وغيرَ ناجحٍ مئةً في المئة، فلا تقلقْ إن لم يكنْ لديكَ موهبة، لا تستهنْ بقدراتكَ التي تمتلكهَا وتذكَّرْ دومًا أنَّ الرَّغبةَ والشَّغفَ يكفيانِ لجعلكَ متميِّزًا ومُتألِّقًا بما تصنعهُ يداكَ من إبداع..!