- الترجمة الصيدلانية فرعٌ من فُروع التراجم المتعددة، وفي الوقت الحالي اتَّسع نشاط وتخصُّصيَّة الترجمة بوجهٍ عامٍّ؛ نظرًا لوجود علوم تطبيقيَّة مُتباينة، مثل: الهندسة، والطب، والفيزياء… إلخ، ويجب ألا ننسى في زُمرة ذلك العلوم الاجتماعيَّة، مثل: الإدارة، والقانون، والاجتماع، وعلم النفس، ولم يعُد هناك مجال لقيام مُترجمٍ واحدٍ بمهام الترجمة في جميع الميادين مثلما مضى، فلا يُوجد شخص قادر على تنفيذ ذلك، لذا تُخصِّص مكاتب الترجمة من يقوم بمهام الترجمة الصيدلانية فقط دون غيرها، وسنُوضِّح من خلال موضوعنا أسئلةً مختلفةً وإجاباتها تتعلَّق الترجمة الصيدلانية ومجالاتها.
ما مفهوم الترجمة الصيدلانية؟
- لفظة “الصيدلانية” اسمٌ منسوبٌ إلى “صيدلة”، والمصدر: “صَيدَلَ”، ومن بين الكلمات ذات العلاقة كل من: “صيدلي”، و”صيادلة”، و”صيدلية”، و”صيدلانيات”، و”صيدلاني”، والترجمة باللغة الإنجليزية “PHARMACY”، وأصل هذه الكلمة يوناني، ومعناها العقار، أو الدواء، والقائم بمهام الصيدلة يُطلق عليه “الصيدلاني”، ويُشير التاريخ إلى أن أوَّل صيدلية تمَّ تأسيسها على مستوى العالم كانت بمدينة “بغداد”، وعلى يد الخليفة “المنصور” في القرن الـ18، ويُشير الخبراء إلى أن ذلك كان بداية الفصل بين المجال الطبي والصيدلاني.
- الترجمة الصيدلانية: تعني ترجمة جميع ما يرتبط بالأدوية؛ مثل: الخصائص المتعلقة بها، أو مُكوِّناتها الكيميائية، أو الطبيعية، وذلك من لغة يُطلق عليها اللغة الأم (اللغة الأصلية) إلى لغة ثانية تُعرف باسم (اللغة المُستهدفة)، ومن الطبيعي أن تختلف اللغة الأم، وكذلك المُستهدفة حسب طالب الخدمة؛ نظرًا لتنوُّع الدول المنتجة للأدوية، والمستورد لها.
نبذة عن تاريخ الصيدلة:
- إن تاريخ التداوي والعلاج بدأ منذ فجر التاريخ، وكان ذلك من خلال التجربة والخطأ؛ ففي البداية استُخدمت الأعشاب النباتية كوسيلة بدائية، ونرى كثيرًا من المرجعيات في ذلك عند الإغريق والهنود والصينيين.
- كان العرب أوَّل من توصَّلوا إلى أُسس ونظريات لصناعة الأدوية؛ من خلال علم الكيمياء، ومن أبرزهم “جابر بن حيان”، و”ابن رومية”، و”رشيد الدين الصوري”، و”ابن البيطار”، وغيرهم.
- وفي مرحلة تالية انتقل ذلك العلم إلى أوروبا، ومع بداية القرن السادس عشر ظهرت صناعة الأدوية في فرنسا وبريطانيا، وفي مرحلة لاحقة بأمريكا، وصنفت كثير من الأدوية.
- في الوقت الحالي أصبح علم الصيدلة مجالًا مُتفرِّدًا بذاته، وله فروع متنوعة، مثل: الصيدلة النووية، والصيدلة الإكلينيكية، والصيدلة المجتمعية، والصيدلة البيطرية، وله أسس وتجارب وتقنيات وفروع، وما زال هناك الجديد في كل يوم.
ما مقومات الترجمة الصيدلانية؟
مقومات الترجمة الصيدلانية مُتباينة، وذلك من أجل القيام بترجمة النصوص بما يحقق الهدف منها، وسوف نوضح ذلك فيما يلي:
- معرفة المصطلحات الطبيبة والصيدلانية: يجب أن يتقن القائم بعمل الترجمة الصيدلانية المصطلحات الطبية والصيدلانية المتعلقة باللغة المترجم منها، وفي الوقت نفسه ما يُقابلها في اللغة المترجم إليها، وتلك العملية صعبة للغاية في ظل وجود عدد لا حصر له من التراكيب والجمل والاختصارات المستخدمة في ذلك.
- مُطالعة الجديد في مجال الصيدلة: ينبغي على المترجم المتخصص في الترجمة الصيدلانية أن يكون دائمَ الاطلاع على الجديد في هذا المضمار، وخاصة في ظل ظهور أدوية علاجية جديدة في كل يوم، ومن بين أبرز وسائل الاطلاع كل من: المجلدات والموسوعات الصيدلانية، وكذلك مواقع شبكة الإنترنت، التي أصبحت وسيلة مثالية في جميع التخصصات، ويُمكن زيارة تلك المواقع بهدف معرفة الجديد في تخصُّص الصيدلة.
- الأمانة في النقل: الترجمة الصيدلانية تتطلَّب أمانة في النقل أكثر من غيرها من أنواع التراجم، ويترتب على عدم الأمانة مخاطر جمة، حيث إن ذلك الأمر يتعلَّق بصحَّة المواطنين، وخروجهم من دائرة المرض إلى التعافي، ومن ثَمَّ استقامة الأمور الصحية.
ما صعوبات الترجمة الصيدلانية؟
- كثرة وتشابُه المصطلحات الكيميائية: تتمثَّل صعوبات الترجمة الصيدلانية بالمقام الأوَّل في كثرة مسميات الأدوية، والتي في الغالب يتمُّ نسبها للمواد الفعَّالة الدَّاخلة في صناعة الأدوية، ومُعظمها مصطلحات كيميائية، وهناك اختلافات طفيفة في المواد الفعَّالة المُتعلِّقة ببعض الأدوية، وتُستخدم في الغرض ذاته، ولكنَّ الشركات المُنتجة مُختلفة، لذا نجد تشابُهًا في بعض الأحيان، ويجب أن يكون المترجم فطنًا لذلك.
- وجود صعوبة في استخراج النص المقابل: ويُعَدُّ ذلك من أبرز صعوبات الترجمة الصيدلانية؛ حيث لا يجد المترجمون مفردات مقابلة، فعلى سبيل المثال عند الترجمة من اللغة الإنجليزية للغة العربية في مجال الصيدلة؛ فإن الأمر الحتمي يتمثَّل في كتابة المصطلح الكيميائي على نفس هيئته بالعربية، أو كتابة رموز إنجليزية.
ما مجالات خدمات الترجمة الصيدلانية؟
مجالات خدمات الترجمة الصيدلانية مُتنوِّعة، ومن أهمِّها ما يلي:
- ترجمة نشرات الأدوية: يُوجد الآلاف من أنواع الأدوية على مستوى العالم، ويُخصَّص كل نوع لعلاج مرض معين – عافى الله الجميع من شرور الأسقام – ولكل دواء نشرة تتضمَّن المواعيد الخاصَّة بالتناول، وكذلك الجرعات المُخصَّصة حسب الفئات السنية، بالإضافة إلى الأعراض الجانبية للدواء، والتي تختلف في شدَّتها من شخص لآخر على حسب مدى الحساسية من المُستحضرات الكيماوية المُستخدمة في الدواء، وكثير من تلك النشرات مُصاغة باللغة الإنجليزية، أو غيرها، ويرغب المُستخدمون في التَّعرُّف على مكنون ذلك، وفي تلك الحالة يمكن الاستعانة بخدمات الترجمة الصيدلانية؛ لتفسير مُحتوى النشرات.
- ترجمة المقالات الصيدلانية: هناك كثير من المقالات المتعلقة بعلم الصيدلة، وبلُغات مُتنوِّعة بخلاف اللغة العربية، ويرغب الصيدلانيون في التَّعرُّف على كل ما هو جديد في هذا المجال، ومن المعروف أن الترجمات الآلية لا يُمكن الاعتماد عليها في ترجمة المصطلحات الصيدلانية، وجميعها سلبية بنسبة قد تصل إلى أكثر من 90%، ومن ثَمَّ الحاجة لمكتب متخصص في مجال خدمات الترجمة الصيدلانية.
- ترجمة الأبحاث العلمية الصيدلانية: تتطلَّب كلية الصيدلة دراسة تتراوح بين 4-5 سنوات، وذلك على حسب طبيعة الجامعة، والدولة التي تُوجد فيها؛ فعلى سبيل المثال دراسة الصيدلة في جمهورية مصر العربية تتطلَّب 5 سنوات، والسنة الأولى تحضيريَّة، وفي أستراليا ونيوزيلندا يتطلَّب ذلك 4 سنوات، وبعد انتهاء الدراسة، والحصول على شهادة البكالوريوس فقد يرغب بعض الطلاب في الاستزادة التعليمية، والحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه أو الزمالة في الصيدلة، وفي سبيل ذلك ينبغي إعداد رسالة، ويستعين فيها الطلاب بدراسات وأبحاث علمية صيدلانية أجنبية، ويلجأ الباحثون لخدمات الترجمة الصيدلانية لإنجاز تلك المهام.
- ترجمة تجارب الأدوية: يُوجد كثير من الدراسات الأجنبية المتعلقة بتجارب الأدوية على الحيوانات، وتتضمَّن مجموعة من النتائج التي يتمُّ التَّوصُّل إليها، وذلك قبل طرح الأدوية للبيع، والهدف من ذلك هو تجنُّب حدوث أي مخاطر على البشر من استخدام هذه الأدوية، مع التأكد من فوائدها، وعلاجها للأمراض التي تمَّ إنتاج الأدوية من أجلها، وذلك من بين خدمات الترجمة الصيدلانية المحورية.
- ترجمة التقارير لشركات الأدوية: تحتاج شركات الأدوية لخدمات الترجمة الصيدلانية، وخاصَّةً في ظل وجود عشرات التقارير التي ترد إليها بشكل يومي من المُتعاملين الأجانب، وخاصَّةً شركات الأدوية التي تقوم بالاستيراد من الخارج، ولديها فروع كبيرة، ويُعَدُّ ذلك النوع من التراجم من بين متطلبات العمل الهامَّة، ويلزمها مُتخصصون، وفي لُغات متعددة على حسب جهات الاستيراد.
- تسويق أو تصدير الدواء: قطاعات الصناعات الداوئية تُعتبر من بين مصادر الدخل القومي الهامَّة، ويُوجد كثير من الدول في المنطقة العربية المتفوقة في هذا المضمار، ومن بين ذلك مصر، والأردن، وقطر، وفي تلك الدول كيانات دوائية عملاقة، ويستلزم تصدير الأدوية ترجمة متعلقة بالفاعلية، وطريقة الاستخدام، والدواعي، والسلبيات… إلخ، ومن ثَمَّ تظهر خدمات الترجمة الصيدلانية في سبيل القيام بذلك.