يحدث اضطراب لدى الدارسين في فهم الأفعال الخمسة وطريقة إعرابها؛ ربما لأن علامتي إعرابها فرعيتان، وكذلك يحدث خلط بينها وبين الأسماء المثنى منها والجمع، في هذا المقال سوف يتبين لك الفرق بينها وبين غيرها في الإعراب، وأضفنا في نهاية المقال أمثلة من القرآن الكريم على الأفعال الخمسة في حالات إعرابها الثلاث.
قبل الخوض في موضوع الأفعال الخمسة ينبغي أولًا أن نعرج على التقسيم القديم الجديد للأفعال، وهو الفعل الماضي والفعل المضارع والفعل الأمر، ومن خلاله سنتكلم عن نوع واحد أو قسم واحد منها وهو الفعل المضارع، والفعل المضارع يسمى مضارعًا؛ لأنه يشبه الاسم في كونه معربًا مثله، أما الفعلان الآخران الماضي والأمر فهما مبنيان دائمًا، ومن هنا نبدأ.
أولًا: لماذا تسمى الأفعال الخمسة بهذا الاسم؟
قبل أن تعرف لماذا تسمى الأفعال الخمسة بهذا الاسم يجب عليك أن تعرف تلك الأفعال، وهي كل فعل مضارع اتصلت به واو الجماعة أو ألف الاثنين أو ياء المؤنثة المخاطبة، فكيف تكون خمسة؟! سوف أخبرك.
عند إسناد الفعل المضارع إلى الضمائر المذكورة تكون خمسة أفعال باختلاف حروف المضارعة الموجودة في أول كل فعل:
هم يصومون.
أنتم تصومون.
هما يصومان.
أنتما تصومان.
أنتِ تصومين.
فإذا عددت تلك الأفعال فستجدها مع حرفي المضارعة التاء والياء خمسة أفعال، ولذلك سميت الأفعال الخمسة، ويمكن فهم تلك التسمية بتوضيح آخر وهو أن الأفعال الخمسة لها خمسة أوزان، وكل فعل من الأفعال الخمسة لابد أن يوافق وزنه أحد تلك الأوزان الخمسة، وهي: يفعلان، تفعلان، يفعلون، تفعلون، تفعلين، وهذا يعني أن هناك وزنين لألف الاثنين واثنين لواو الجماعة وواحد مع ياء المؤنثة المخاطبة.
إعراب الأفعال الخمسة:
الأفعال الخمسة هي أفعال مضارعة ترفع وتنصب وتجزم كأي فعل مضارع، وتؤكد بنون التوكيد أيضًا، ولكل حالة إعرابية علامة للإعراب، ومن المعروف أن الفعل المضارع الأصل في إعرابه أنه يرفع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة أو المقدرة، وينصب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة أو المقدرة ويجزم وعلامة جزمه السكون أو حذف حرف العلة.
ولنأخذ أمثلة على ذلك:
- محمد يلعبُ بالكرة.
يلعبُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
- المؤمن يخشى الله.
يخشى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة؛ لأنه معتل الآخر.
- زيد لن يلعبَ بالكرة.
يلعبَ: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
- أحمد لن ينسى الإساءة.
ينسى: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة؛ لأنه معتل الآخر.
- عليٌّ لم يعرفْ قدرك.
يعرف: فعل مضارع مجزوم بـ لم وعلامة جزمه السكون.
- عصام لم يخشَ العدو.
يخشَ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة؛ لأنه معتل الآخر.
أما الأفعال الخمسة فإن إعرابها يختلف، ومع أنها ترفع وتنصب وتجزم فإن علامة رفعها ونصبها وجزمها تختلف عن نظرائها من الأفعال المضارعة؛ فهي ترفع وعلامة رفعها ثبوت النون، وتنصب وتجزم وعلامة نصبها وجزمها حذف النون.
نماذج على إعراب الأفعال الخمسة:
- المؤمنون يصومون رمضان.
يصومون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الافعال الخمسة؛ حيث اتصل بواو الجماعة.
- المؤمنان يصومان رمضان.
يصومان: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة؛ حيث اتصل بألف الاثنين.
- أنت تصومين رمضان.
تصومين: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة؛ حيث اتصل بياء المؤنثة المخاطبة.
بتأمل الأمثلة السابقة فستجد الفعل المضارع صحيح الآخر، أما إذا كان الفعل معتل الآخر بالألف أو بالياء أو بالواو فتختلف طريقة إعرابه بل وطريقة صياغته، كونه من الأفعال الخمسة.. انظر:
- المؤمنون ينهوْن عن الباطل.
ينهوْن: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، وقد حذفت الألف؛ لالتقاء الساكنين واو الجماعة وحرف العلة الألف، ووضع السكون على واو الجماعة وهي ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- المؤمنان ينهيَانِ عن الباطل.
ينهيانِ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وقد قلبت ألف العلة ياءً وفتحت لمناسبة ألف الاثنين، وألف الاثنين ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- أنت تنهيْن عن الباطل.
تنهِينَ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وحذفت ألف العلة؛ لالتقاء الساكنين حرف العلة وياء المؤنثة المخاطبة، وحركت الهاء بالكسر لمناسبة الياء.
ستلاحظ – أيضًا – أن نون الأفعال الخمسة مع واو الجماعة وياء المؤنثة المخاطبة تكون مفتوحة لمشابهة نون جمع المذكر السالم، ومع ألف الاثنين تكون مكسورة لمشابهة نون المثنى.
والآن :ماذا تعرف عن إعراب الأسماء الخمسة؟
حكم إسناد الأفعال الخمسة لنون التوكيد:
هناك مشكلة تواجه المتحدث والدارس والمستمع فيما يتعلق بعملية تأكيد الأفعال الخمسة بنون التوكيد الثقيلة، ذلك أنها في حالة الرفع تكون منتهية بعلامة الرفع النون، وبالتالي تلتقي ثلاث نونات أولاها علامة رفع الأفعال الخمسة بالإضافة إلى النونين اللتين تتكون منهما نون التوكيد الثقيلة، وهنا ينبغي العلم أن ذلك يحتاج لتفصيل مع الضمائر الثلاثة التي تتصل بالأفعال الخمسة، وهي على الترتيب:
ألف الاثنين.
واو الجماعة.
ياء المؤنثة المخاطبة.
اتصال نون التوكيد بفعل اتصلت به ألف الاثنين:
عند تأكيد الفعل المتصل بألف الاثنين بنون التوكيد الثقيلة تحذف نون الرفع وتبقى نون التوكيد، لكنها تكسر بدلًا من فتحها، وفي المثال التالي توضيح.
لتكتبانِّ الدرس.
وإعرابه كالتالي:
اللام: حرف توكيد مبني لا محل له من الإعراب.
تكتبانِّ: فعل مضارع (من الأفعال الخمسة) مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة كراهية توالي ثلاث نونات، وألف الاثنين ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، ونون التوكيد حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب.
اتصال نون التوكيد بفعل اتصلت به واو الجماعة:
عند تأكيد الفعل المضارع المتصل بواو الجماعة بنون التوكيد(وهو من الأفعال الخمسة أيضًا)، تحذف الواو ويضم الحرف الأخير من الفعل للدلالة على الحرف المحذوف، وتبقى نون التوكيد كما هي متصلة بالفعل، وتحذف نون الرفع، كما بالمثال التالي:
لتكتبُنَّ الدرس.
وإعرابه كالتالي:
اللام: حرف توكيد مبني لا محل له من الإعراب.
تكتبُنَّ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة كراهية توالي ثلاث نونات، والفاعل هو واو الجماعة المحذوفة لالتقاء ساكنين هما الحرف الأول من نون التوكيد وهي ساكنة مع واو الجماعة، وبقيت الضمة على الباء للدلالة على الواو المحذوفة.
ونون التوكيد حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
هذا في حالة إذا ما كان الفعل المؤكد المتصل بواو الجماعة صحيح الآخر أما إذا كان معتل الآخر مثل الفعل (يخشى)، فإن واو الجماعة تبقى وتحرك بالضم ولا تحذف عند تأكيد الفعل بالنون.
فنقول: لتخشوُنَّ الله.
اتصال نون التوكيد بفعل اتصلت به ياء المؤنثة المخاطبة:
الأمر نفسه الذي حدث مع واو الجماعة يتكرر مع ياء المؤنثة المخاطبة؛ فإن الياء تحذف لمنع التقاء الساكنين بعد حذف نون الرفع كراهية توالي ثلاث نونات، وفي حالة إذا ما كان ما قبل الياء مفتوحًا تحرك بالكسر، ويحذف حرف العلة وتصبح كما الآتي تخشيِنَّ، وهو من الأفعال الخمسة كذلك.
ويكون الإعراب في الحالة الأولى كما يلي:
تكتبِنَّ.
الفعل المضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي ثلاث نونات، والفاعل هو الضمير المحذوف ياء المؤنثة المخاطبة لمنع التقاء الساكنين، وبقيت الكسرة للدلالة عليها.
مثال مثير للشبهة:
لتكتبْنَانِّ.
إعرابه كالتالي:
تكتب فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة ضمير متصل مبني على الفتح، والألف حرف زائد للتفرقة بين نون النسوة ونون التأكيد، ونون التأكيد حرف مبني على الكسر لا محل من الإعراب.
أمثلة على الأفعال الخمسة في القرآن الكريم:
- قال – تعالى – في سورة البقرة: “الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وبالآخرة هم يوقنون“.
الأفعال الموضوع تحتها خط هي من الأفعال الخمسة وهي مرفوعة وعلامة رفعها ثبوت النون.
- قال – تعالى – في سورة المنافقون: “يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”.
- قال – تعالى – في سورة الكافرون: “لا أعبد ما تعبدون“.
الفعل (يقولون) والفعل (تعبدون) من الأفعال الخمسة مرفوعان وعلامة رفعهما ثبوت النون.
- قال – تعالى – في سورة يوسف: “قال إني ليحزنني أن تذهبوا به”.
تذهبوا: فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.
- قال – تعالى – في سورة آل عمران: “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون“.
الفعل (تنالوا) منصوب وعلامة نصبه حذف النون، والفعل (تحبون) مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون.
- قال – تعالى – في سورة التوبة: “ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة”.
- قال – تعالى – في سورة يوسف على لسان يعقوب: “ولا تيأسوا من روح الله”.
يتخذوا: فعل مضارع مجزوم بـ (لم)، وعلامة جزمه حذف النون، والفعل (تيأسوا) مجزوم بـ (لا الناهية) وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنهما من الأفعال الخمسة.