ينتشر على نطاق واسع استخدام أدوات الشرط الجازمة وغير الجازمة، وقد يغيب عن بعض المشتغلين في القنوات التعليمية أو الإعلامية كافة – ومنها مواقع التواصل الاجتماعي – كيفية نطق الأفعال بعدها، وبعضهم يخلط بين أدوات الشرط الجازمة وأدوات الشرط غير الجازمة، وفي هذا المقال نرجو أن نكون قد وفقنا لتلبية الطلب الملح على اختصار الموضوع اختصارًا غير مخل، مشفوعًا بما جاء في القرآن الكريم من أمثلة على أدوات الشرط بنوعيها.
المقدمة:
أدوات الشرط هي حروف وأسماء يقع بعدها فعلان يتوقف أحدهما وهو جواب الشرط على حدوث فعل الشرط الذي يقع مباشرة بعد الأداة، وتنقسم أدوات الشرط إلى قسمين: الأول هو أدوات الشرط الجازمة، والثاني: أدوات الشرط غير الجازمة.
أولاً: أدوات الشرط الجازمة:
أدوات الشرط الجازمة هي: مَنْ وما ومهما ومتى وأين وكيفما وحيثما وأينما وأيان وأنَّى وأين وكيف وأيّ هي أسماء، أضف إلى ذلك: (إن وإذ ما) وهما حرفا شرط جازمان، ولكل من أدوات الشرط السابقة معانٍ تختلف باختلاف الأداة.
كما قلنا فإن أدوات الشرط الجازمة يقع بعدها فعلان مجزومان؛ مثل: إن تجتهدْ تنجحْ.
وإعرابها كالتالي:
- إن: حرف شرط جازم مبني على السكون.
- تجتهدْ: فعل مضارع مجزوم بـ إن وعلامة جزمه السكون، وهو فعل الشرط الذي يتوقف عليه وقوع الجواب.
- تنجح: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون وهو جواب الشرط.
ومعنى الشرط أن الفعل الثاني متوقف حدوثه على حدوث الفعل الأول أي أنه شرط له، والفعل الأول فعل الشرط والفعل الثاني جواب الشرط.
اقرأ أيضا :
ثانيًا: أدوات الشرط غير الجازمة:
بعض أدوات الشرط تعمل في معنى الشرط أو توصله إلى المتلقي، ولكنها في الوقت نفسه لا تجزم الأفعال التي تأتي بعدها، ومنها:
أمّا، ولما، ولوما، وكلما، وإذا، ولولا، ولو، وكلها أدوات شرط لها معانٍ ولكل منها إعراب خاص به، وإليك التفصيل:
معاني أدوات الشرط:
تختلف معاني أدوات الشرط فبعضها يشترك في معنى آخر بالإضافة إلى الشرط، وهي كالتالي:
إن وإذ ما: هما أداتان من أدوات الشرط ويفيدان ربط جواب الشرط بفعل الشرط.
من: هي اسم شرط يفيد معنى الشرط، إضافة إلى كونه للعاقل.
ما ومهما: هما أداتان من أدوات الشرط، ويفيدان إلى جانب عملهما كأداتي شرط أنهما لغير العاقل.
متى وأيان: تفيدان معنى الزمان إلى جانب ربطهما لجملتي الشرط.
كيفما: معناها الحال، أضف إلى ذلك أنها من أدوات الشرط الجازمة.
أنى وحيثما وأينما: هي أدوات شرط جازمة للمكان.
أيّ: هي أداة من أدوات الشرط الجازمة، ولكنها تختلف عنها في أنها معربة وبقية أدوات الشرط مبنية، ولكنها لا تفيد معنًى واحدًا، وإنما يختلف معناها باعتبار ما بعدها؛ فإذا كان بعدها عاقل فهي بمعنى (من)، وإن وكان ما بعدها غير عاقل فإنها تأخذ معنى ما ومهما، وإذا جاء ما بعدها زمان فهي بمعنى أيان ومتى، وإن كان ما بعدها مكان وأضيفت إليه فهي بمعنى: حيثما وأينما وأنى.
إعراب أدوات الشرط:
إن وإذ ما: حرفان مبنيان لا محل لهما من الإعراب.
مَنْ وما ومهما: من أدوات الشرط، ولها ثلاثة إعرابات بحسب ما بعدها؛ فتعرب اسم شرط جازمًا في محل رفع مبتدأ وجملة الشرط وجوابها في محل رفع خبر المبتدأ، إذا كان الفعل بعدها لازمًا أو متعديًا استوفى مفعوله،
تكون في محل نصب مفعول به إذا جاء بعدها فعل متعدٍ لم يستوف مفعوله، وتكون اسم شرط في محل جر بحرف الجر وهي وجملتها جملة فعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب، كقولك بمن تبدأ أبدأ.
متى: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية الزمانية؛ يعني في محل نصب ظرف زمان.
أين: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية المكانية؛ يعني في محل نصب ظرف مكان.
كيفما وكيف: اسم شرط مبني في محل نصب حال.
وأزيدك من إعراب أدوات الشرط:
حيثما: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية المكانية؛ يعني في محل نصب ظرف مكان.
أينما: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية المكانية؛ يعني في محل نصب ظرف مكان.
أيان: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية الزمانية؛ يعني في محل نصب ظرف زمان.
أنَّى: اسم شرط مبني في محل نصب على الظرفية المكانية؛ يعني في محل نصب ظرف مكان.
أيّ: من أدوات الشرط وهي اسم الشرط الوحيد المعرب ويتغير آخرها بتغير العوامل التي تأتي بعدها.
مثال على إعراب أسلوب الشرط:
يتكون أسلوب الشرط من ثلاثة عناصر وهي: أداة من أدوات الشرط، وجملة فعل الشرط وجملة جواب الشرط، والذي يربط جملتي الشرط والجواب هو أداة الشرط، وتأتي جملة فعل الشرط وهي الأولى على شكلين هما:
- فعل مضارع في جملة فعلية، كأن تقول: إن تذاكرْ تتفوقْ.
الفعل: تذاكرْ هو فعل الشرط وهو فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت.
- فعل ماض في جملة فعلية أيضًا، كأن تقول: إن اجتهدْت تفوقْت.
الفعل: اجتهدت هو فعل الشرط وهو فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم، وفاعله تاء الفاعل وهي ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
وتأتي جملة جواب الشرط على ثلاثة هيئات:
- جملة مرتبطة بالفاء؛ مثل: إن تجتهدْ فالله معينك
فجملة (الله معينك) جملة اسمية وقعت جوابًا للشرط.
- جملة فعلية في أولها فعل مضارع، كأن تقول: متى تسع تجنِ نتيجة سعيك.
الفعل تجنِ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وفاعله: ضمير مستتر تقديره أنت ونتيجة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وسعيك مضاف إليه، والجملة كلها (تجن نتيجة سعيك) هي جملة جواب الشرط أولها فعل مضارع.
- جملة فعلية لكن أولها فعل ماضٍ، كأن تقول: أنَى ذهبت اهتديت، جملة اهتديت: هي جملة جواب الشرط وفعلها هنا هو (اهتديت)، وفاعله هو تاء الفاعل وهي ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
وكما ذكر فإن بعض أدوات الشرط جازمة وبعضها غير جازم، وسنأخذ مثالًا على إعراب أسلوب الشرط، كما يلي:
- من يرعَ حق الله يدخلْه الجنة.
- من: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
- يرعَ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة وهو فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو)، و(حق) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، ولفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
- يدخل: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون وهو جواب الشرط، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو)، والجنة: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وجملتا الشرط والجواب في محل رفع خبر المبتدأ اسم الشرط (مَنْ).
تعرف أيضا على :
أدوات الشرط الجازمة في القرآن الكريم:
- (مَنْ) من أدوات الشرط الجازمة؛ مثل قوله – تعالى – في سورة الزلزلة: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره”، وقوله – تعالى – في سورة الأنعام: ” من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها”.
- (ما وأينما) من أدوات الشرط الجازمة؛ مثل قوله – تعالى – في سورة البقرة: “وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله”، وقوله – تعالى – في سورة النساء: “أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقول هذه من عندك”، و قوله – تعالى – في سورة البقرة: “أينما تكونوا يأتِ بكم الله جميعًا”.
- (إنْ) من أدوات الشرط الجازمة؛ مثل قوله – تعالى – في سورة الروم: “وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون”، وقوله – تعالى – في سورة محمد: “يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.
أدوات الشرط غير الجازمة في القرآن الكريم:
- قوله – تعالى – في سورة الأحزاب: “فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها”.
- قوله – تعالى – في سورة الأعراف: “كلما دخلا أمة لعنت أختها”.
- قوله – تعالى – في سورة آل عمران: “كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا”.
- قوله – تعالى – في سورة آل عمران: “ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.
- قوله – تعالى – في سورة الجن: “حتى إذا رأوْا ما يعودون فسيعلمون من أضعف انصرًا وأقل عددًا”.
- قوله – تعالى – في سورة المنافقون: “وإذا رأيتهم تعجبُك أجسامهم”.
- قوله – تعالى – في سورة المطففين: “إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين”.
- قوله – تعالى – في سورة النمل: “لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون”.
- قوله – تعالى – في سورة سبأ: “ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول”.
- قول – تعالى – في سورة الواقعة: “لو نشاء جعلناه حطامًا فظلتم تفكهون”.
- قوله – تعالى – في سورة الأعراف: “ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء”.
لما وكلما وإذا ولو ولولا من أدوات الشرط غير الجازمة وأمثلتها كما سبق.
خاتمة:
إن تنوع أدوات الشرط إن دل فإنما يدل على ثراء اللغة العربية وجمالها، وتشعب طرق التعبير فيها، وملاءمة كل أداة لمعنًى محدد؛ مما يعين الكاتب والقارئ والمثقف والمبتدئ والخبير على امتلاك ناصية البيان، وإن كان من فضل في ذلك فإنما يتضح في آيات القرآن الكريم التي وردت بها أدوات الشرط بنوعيها الجازمة وغير الجازمة.