هل أنت من الأشخاص الذين لديهم رؤيةٌ ما ويرغبون إيصال أفكارهم إلى القُرَّاء؟ أو هل لديكَ أفكارٌ كثيرةٌ، ولكن يُعيقك توصيل الفكرة ولا تعرف كيف تبدأ، وكيف يمكنك صياغتها في صورة مقال؟
هل تجد صعوبة حين يكون القلم والورقة في متناول يديك، ولكنك تشعر بالإحباط لأنك لا تستطيع صياغة أفكارك كما ينبغي؟
ربما تكون ذا مهارة في إدارة نقاش أو حوار ما، تستطيع من خلاله توضيح فكرتك أو إقناع الآخرين برأي ما، ولكن الأمر يكون عسيرًا عند كتابة ما يسمى بفن المقال.
يمكننا القول إنه عند امتلاكك للفكرة وتحديدها، فإنك تكون قد قطعت شوطًا كبيرًا في طريق صياغة مقال متميز وجذاب، لذا فإذا تابعت معنا للنهاية تستطيع بكل سهولة أن تتعرف على كيفية كتابة مقالة باللغة العربية.
ما هو فن المقال؟
المقال فنٌّ من فنون الكتابة يتمثَّل في نص إنشائي ذي طول محدود، يدور حول موضوع ما بحيث يضع فيه الكاتب ما يشاء من مبادئ وأفكار ومشاعر وفق أسلوب خاص به.
وبناءً على ذلك يمكننا القول إن المقال ليس حشدًا من المعلومات، ولا يمكن أن تكون غايته هي نقل المعرفة وحسب، بل ينبغي أن يتوفر فيه عنصر التشويق والجذب ويضم بين جنباته شيئًا من شخصية الكاتب، سواء في أسلوبه أو طريقة عرضه للموضوع.
تتعدَّد أنواع المقال، وذلك بتعدُّد الأهداف التي من أجلها تتم كتابة هذه المقالات، ولكل نوع خصائصه التي يتميز بها، ونذكر من الأنواع على سبيل المثال لا الحصر:
المقالة السياسية:
- بعيدة عن التكلُّف في ألفاظها.
- تمتاز سهولة التعبير.
- ذات فكرة واضحة.
- تذكر الأدلَّة والبراهين.
المقالة الاجتماعية:
- ذات فكرة واضحة.
- تناقش مُشكلة ما.
- تذكر شواهد من الماضي أو الحاضر.
المقالة الأدبية:
- تعتمد على الخيال والتصوير.
- تستخدم ألفاظًا قوية.
- ذات موضوع واحد.
- ذات فكرة عميقة.
- لغة سليمة خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية.
المقالة النقدية:
- يعتمد على الدقة العلمية.
- ذات أسلوب توجيهي.
المقال الوظيفي:
- يعتمد على إعطاء التقارير عن عمل ما.
المقال الصحفي:
- يستمد موضوعه من الواقع.
- يعتمد على توعية القارئ بفكرة ما.
وهذا التصنيف ليس تصنيفًا مفصلًا، ولا شاملًا لأنواع المقال المتعددة، فالمجال لا يتَّسع لذكره، وإنما اكتفينا بذكر الأنواع بشكل موجز، مع إدراج تعريف بسيط لكل منها.
وما يهمُّنا هو كيف يتم خلق موهبة الكتابة لدى الشخص بما يجعله متمكنًا من ممارسة فن كتابة المقالات.
صناعة الكاتب تحتاج إلى:
يحتاج الكاتب بصفة عامة وكاتب المقالات بصفة خاصة إلى أدوات تجعل منه كاتبًا متمرسًا، وتتمثل تلك الأدوات في:
- تكوين الثقافة.
- صقل اللغة.
- تمرُّس على الكتابة.
ما يُعينه على ذلك عدة ممارسات عليه أن يواظب عليها بصفة دائمة حتى تتطور مهاراته في الكتابة بصفة عامة، لذا عليه المداومة على ثلاثية: القراءة – التخيل – الكتابة.
متى تكون مُستعدًا لكتابة مقال؟
حين تكون أمضيت فترةً كافيةً من الزمن في ممارسة ثلاثية صناعة الكاتب من قراءة، وممارسة للتخيُّل والكتابة، وتكون قد وضعت الهدف الذي تسعى للكتابة من أجله، وكوَّنت الفكرة التي يدور حولها موضوع مقالتك، وبحثت كثيرًا في مصادر ومراجع متنوعة تخصُّ المجال الذي تنتوي الكتابة فيه، وتبدأ بكتابة العناصر والأفكار التي تتزاحم في مخيلتك، حينئذٍ تكون مستعدًا لبدء كتابة المقال.
عصف ذهني:
تحتاج قبل البدء بكتابة المقال إلى العصف الذهني لأفكارك وتفريغها في ورقة دون ترتيب، قُم بكتابة كل ما يجول في فكرك حول ما تريد الكتابة عنه، ثم ابدأ بتنقيحها وترتيبها وصياغتها بأسلوبك الخاص.
عناصر المقال:
وحين يبحث شخص ما عن كيفية كتابة مقالة باللغة العربية فإنه يجد أن أي مقال ذي مواصفات جيدة لا بد أن يحتوي على عدد من العناصر الأساسية، ومنها:
- العنوان الجذَّاب.
- المقدمة الشيِّقة.
- الفكرة المطروحة من زاوية جديدة.
- الأسلوب غير التقليدي.
- الخاتمة.
- التنسيق.
- الخلوُّ من كافة الأخطاء الإملائية واللغوية والنحوية.
ولنُلقِ نظرةً على كل عنصر على حدة:
العنوان الجذَّاب:
هو من عوامل جذب القارئ لقراءة المقالة حين يلفت نظره عنوان جذَّاب فيُصيبه الفضول لمعرفة عمَّاذا يتحدث الكاتب، ولخلق عنوان جذَّاب يمكن للكاتب أن يتَّبع هذه النصائح:
- أن يكون العنوان بسيطًا لا هو بالطويل جدًّا ولا بالقصير جدًّا.
- أن تكون هناك علاقة وثيقة بين العنوان ومضمون الموضوع.
- أن يكتنفه بعض الغموض الذي يُثير فضول القارئ.
- أفضل العناوين ما تبدأ بكلمة “كيف” أو “لماذا” أو ما يكون على صيغة سؤال أو صيغة أمر، أو صيغة أفعل التفضيل، أو يكون مُحاكاة لجمل شهيرة، أو يبدأ بأرقام مثل “10 خطوات لـ..”.
- يمكن الاستعانة بمحركات البحث لإيجاد عناوين غير تقليدية.
كيف تفتتح مقالك؟
من القواعد الأساسية في فنِّ كتابة المقالات هو صُنع مقدمة تُمثِّل تهيئة نفسية للقارئ، وعن طريقها يكون متشوقًا لمعرفة ما تحتويه باقي السطور، بحيث لا تتعدَّى المقدمة أربعة أو خمسة أسطر، ويمكن أن تحوي أسئلة أو قصة قصيرة أو معلومات غريبة أو اقتباس.. إلخ.
عُمق الفكرة ووضوح الأسلوب:
من المهم أن تكون أفكارك متسلسلةً ومُرتَّبةً يؤدِّي بعضها إلى بعض، وينبغي الابتعاد عن فوضى الأفكار، والتي من شأنها تشتيت القارئ، وخروجه من المقال بلا شيء، كما ينبغي الكتابة بأسلوبك المميز البعيد عن الأساليب التقليدية، وكذا الألفاظ المُعقَّدة الغامضة التي تحتاج إلى جهد لتفسير كُنهِها، كذلك ينبغي التنويع في الأساليب كاستخدام أساليب النداء، والاستفهام، والتعجُّب، والحوار، وغيرها.
الخاتمة:
وفيها عرضٌ سريعٌ لأهم ما ورد في المقال، ولا تحتوي على فكرة جديدة، بل هي بمثابة وداع للقارئ، ويمكن أن تكون خاتمة المقال مميزةً عن طريق أن يدع الكاتب فرصة للقارئ بالتفاعل معه كأن يضع نهايةً مفتوحةً تحثُّ القارئ على التفكير أو دعوة للقارئ بالمشاركة بتجاربه حول هذا الموضوع.
التنسيق:
من أهم ما ينبغي مراعاته أثناء كتابة المقالات التنسيق الجيِّد لها، والذي يُريح عين القارئ ويعطيه دفعةً لإكمال قراءته إلى النهاية، والمقال الذي يوصف بأنه ذو تنسيق جيِّد هو الذي يكون:
- على هيئة فقرات منفصلة كل فقرة تُعنى بفكرة مستقلة.
- عنونة كل فقرة على حدة بما يناسبها.
- إدراج شواهد وأدلَّة مُدعمة للموضوع.
- استخدام علامات الترقيم في أماكنها الصحيحة.
بعد الانتهاء من الكتابة:
الخطوة الرئيسية بعد الانتهاء من كتابة المقال هي مراجعته وقراءته بصوت عالٍ للتأكد من احتوائه على جميع عناصره، واستيفاء جميع شروطه، وسلامة تراكيبه وألفاظه، بحيث يتم تعديله إن احتاج إلى ذلك.
بعض الأخطاء التي قد يتم ارتكابها أثناء كتابة المقال:
- إطالة المقدمة دون داعٍ.
- عدم وجود فواصل أو فقرات أو عناوين فرعية.
- عدم استخدام علامات الترقيم أو استخدامها في غير مكانها الصحيح.
- الطول المُبالغ فيه للمقالة وحشوها بكلام غير ذي جدوى أو التشعُّب والدخول في مواضيع متفرعة.
- عدم تنسيق المقال شكلًا من حيث الخطوط وضبط السطور، وغير ذلك.
- عدم اختيار عنوان مناسب ومميز للموضوع.
- عدم مُراعاة الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية.
تلك هي أهم الإرشادات البسيطة في كيفية كتابة المقالة باللغة العربية، وأهم العناصر التي تجعل منه مقالًا يشدُّ القارئ من بداية وقوع نظره على العنوان المميز، وحتى نهاية السطور، دون أن يشعر بمللٍ، بل إن المقال قد يُضيف إليه جديدًا.
وبالطبع، فإن ما يُميِّز كل كاتب عن غيره هو أسلوبه الخاص، والذي لا يتشابه مع كاتب آخر، ومن السيئ أن يُحاول مُحاكاة أسلوب غيره.