تتنوع المقالات تنوعًا كبيرًا، فمنها الإخبارية، والعلمية، والأدبية، والاجتماعية،ونطالع يوميًّا الكثير من المقالات التي تُنشر في الصحف والمجلات وعلى مواقع الإنترنت، والمقالة عبارة عن قطعة إنشائية تتكون من مقدمة ومضمون وخاتمة، وتختلف أنواع المقالات كما تحدثنا، ولكن تتفق جميع المقالات في هدف واحد، وهو إيصال معلومة محددة للقارئ، فتشترك بصفة العلمية فيما بينهم، وهو المنهج الذي تشير عليه جميع المقالات على خطى ثابتة.
ولا بُدَّ أن يدرك كاتب المقالة هذا الأمر لكي يحصل في النهاية على مقال جيد يستمتع به القارئ من بداية المقال إلى نهايته، وفي الحقيقة كتابة المقال ليست أمرًا يسيرًا؛ بل يحتاج إلى عدة مهارات مكتسبة لكي يرتقي الشخص إلى رتبة كاتب، وحقيقة يستطيع أي شخص أن يكتسب تلك المهارات، فالكتابة ليست حكرًا على أحد، ولكن بضوابط وشروط معينة، وفي موضوعنا هذا وهو كيفية كتابة مقال عملي يُعرف بأنه تقديم بعض المعلومات العلمية من خلال كتابة عدة سطور بالاعتماد على الأرقام والدلائل والحقائق الصحيحة مع استخدام الحس العلمي في المقال، وستفرِّق بين المقال العلمي وأي مقال آخر منذ الوهلة الأولى لقراءة أول سطور في المقالة العلمية.
كيفية كتابة مقال علمي:
يجب في المقالة العلمية عدم الفصل بين الموضوع والهدف، فلا بُدَّ أن يجمع الكاتب بين الاثنين، فيمكن مثلًا أن تطرأ فكرة في ذهن الكاتب، ولكنه مفتقد الهدف الذي من خلاله سيقوم بكتابة المقالة وسيوضح خطوط سيرها، فكاتب المقال العلمي يجب أن يراعي بعض القواعد والأسس في كتابة المقال، والتي إذا فقدت المقالة قاعدة واحدة منها فربما لا تصلح في النهاية أن تكون مقالة علمية بحتة، وعلى سبيل المثال يجب أن يكون المقال محاكيًا لأحد المواضيع الهامة المطروحة على الساحة الأدبية أو العلمية، وأن يتجنَّب الكاتب نقطة التكرار وإذا كرر الكاتب فكرة قديمة قد طرحت على الساحة قبل ذلك فيجب أن يتم تغيير الهدف وأن أي يكون نفس الموضوع، ولكن بهدف ورؤية مختلفين، فالعديد من المواضيع على الساحة يتكرر الحديث عنها أكثر من مرة وهي المواضيع التي عليها جدل واسع في المجتمع.
شكل المقالة العلمية:
تتكون أي مقالة أيًّا كان نوعها على الأغلب من مقدمة، ومضمون، وخاتمة، وهو قالب موحد يسير على خطاه الكاتب حتى يخرج لنا في النهاية بمقالة علمية جيدة، وتحتوي المقدمة على فقرة أو فقرتين حسب طول الموضوع العلمي المطروح ويكتب الكاتب في المقدمة الموضوع أو البحث العلمي الذي سيتناوله في المقال ويقوم بالتركيز عليه، وبعد كتابة المقدمة يبدأ الكاتب في كتابة مضمون وموضوع المقال أو البحث المستهدف معبرًا برأيه عن القضية المطروحة، ويذكر التحليل والأسباب مستندًا إلى الحقائق والدلائل العلمية الصحيحة، وبعدها يقوم الكاتب بإنهاء المقال بخاتمة مفيدة ومختصرة يلخص فيها الموضوع العلمي المطروح ذاكرًا رأيه في هذه القضية، سواء كان مؤيدًا أو معارضًا.
البحث العلمي الخاص بالمقال:
عندما تطرأ فكرة وموضوع علمي في ذهن الكاتب ويريد التحدث عنها فمن الطبيعي أن يكون لديه خلفية علمية وبعض المعلومات عن الموضوع المراد التكلم عنه، ولكن يجب على الكاتب أن يقوم بعملية بحث جيدة حتى يصل إلى أدق وأفضل المعلومات مستندًا إلى الأرقام والحقائق بالأدلة والبراهين الثابتة، مع ذكر مصادر المعلومات حتى يكون حديثه للقارئ مقنعًا إلى حد كبير، بل ربما ينظر القارئ نظرة عامة حول المقالة قبل بداية القراءة، فإذ لم يجد مصادر للمقالة العلمية فربما لا يكمل القراءة.
خطوات كتابة المقالة العلمية:
توجد عدة خطوات يجب أن يتبعها الكاتب عند كتابة المقالة العلمية، وهي:
-
تحديد أسلوب الكتابة:
أسلوب الكتابة من الأهمية بمكان عند الشروع في كتابة المقالة العلمية، فالكاتب يخاطب عقول ناضجة تبحث عن موضوع ما فيجب التفرقة بين مخاطبة القارئ العلمي عن القارئ الأدبي عن قارئ الفن والسياسة، وأيضًا يجب أن يهتم الكاتب بالفئة العمرية الذي سيقوم بتوجيه الحديث لها، هل هم من الشباب، أم كبار السن؟ وكل هذه الضوابط تحدد قبل البدء في كتابة المقال.
-
الاطلاع على جميع جوانب الموضوع:
تُعدُّ المقالة هي لغة التخاطب بين الكاتب وقارئ المقالة فيجب على الكاتب الاطلاع على مدى التأثير على عقلية القارئ، وعلى كاتب المقالة العلمية أن يضع نفسه مكان قارئ المقالة ويحقق الإفادة الكاملة للقارئ ويبتعد عن أي شيء يزعج القارئ مثل الأسلوب العصبي في التخاطب مثلًا، فالكاتب ما بين منتقد للوضع القائم في المجتمع وما بين مؤيد ومقتنع بما سيقوم بطرحه، لذلك يجب في كلتا الحالتين أن يجادل القارئ مجادلة حسنة.
-
تعزيز المقالة ببعض البيانات:
من الطبيعي أن تتحدَّث المقالة العلمية عن بحث علمي أو موضوع مرتبط بالعلم، لذلك يجب أن يتخلل المقالة بعض الإحصائيات والبراهين والاستشهادات حتى يشعر القارئ بأمانٍ أكثر وصدق في المعلومة، فالأمانة العلمية عند الكاتب مهمة للغاية مع مراعاة ذكر المصدر بالطبع.
-
مراجعة المقالة:
مراجعة المقال العلمي يجب أن يكون بتمعُّن ودقة متناهية، فيجب ألا تكون المقالة بها أخطاء إملائية أو نحوية، فربما يسهو الكاتب عن هذه الأمور أثناء كتابة المقالة، بالإضافة إلى الاهتمام بطريقة العرض والأسلوب، فربما تجد فقرة من الفقرات لا ترتقي بعقلية القارئ فيجب تغييرها إلى أسلوب عرض أفضل، فالكاتب الجيد هو ما ينقل القارئ من قراءة سطور إلى أحداث واقعية، ويجب التأكد من ترابط الأفكار وتسلسل الأحداث أيضًا.
-
تحديد الأفكار الرئيسية:
قبل الشروع في كتابة المقال العلمي يجب أن يحدد الكاتب نقاطًا رئيسية محددة حتى يكون مُلمًّا بجوانب البحث العلمي المراد طرحه، كما أن تحديد الجوانب الرئيسية يجعل القارئ يعلم ما هو المطلوب من سرد هذه السطور حتى لا يشرد ذهن القارئ، بجانب أن تحديد تلك النقاط الرئيسية يُجنِّب الكاتب عملية التكرار، كذلك يجب أن يحدد الكاتب طول المقالة ويضع في ذهنه رسمًا لتقسيمها.
-
خاطب القارئ على قدر عقله:
يجب على الكاتب الناجح أن يخاطب القارئ على قدر عقله، ولا يتعالى عليه بالكلمات الصعبة لغويًّا، أو بالأفكار التي يرى أنه لا يعلمها غيره، ولا يتعالى بذكائه على الناس، وألا يحمل معنى وراء معنى آخر، وأنا هنا لا أتحدث عن أن تكون المقالة العلمية خالية من الفن الكتابي والتشويق، فيجب بالطبع أن يكون المقال العلمي يرتقي بفكر وعقل القارئ، وألا يمل القارئ حين قراءة أول سطور في البحث العلمي، ولكن يجب ألا يكون المقال معقدًا.
-
الاهتمام بلغة المقالة:
الالتزام باللغة العربية الصحيحة من أهم العوامل التي تجعل المقالة ترتقي لعقل وفكر القارئ، فيجب أن تكون خاليةً من الأخطاء الإملائية والنحوية، وأيضًا يجب على الكاتب أن يتجنَّب التكرار والحشو غير المفيدين، بالإضافة إلى أن يتم تناول المقال العلمي بأكثر من زاوية.
جذب انتباه القارئ:
ربما تلعب الصور ومقاطع الفيديو دورًا هامًّا في المقال العلمية وتجذب وتلفت نظر القارئ، والتي تكون بالطبع داعمة لوجهة نظر الكاتب ومتوافقة مع الموضوع المطروح، وبالطبع يجب أن تكون الصور ومقاطع الفيديو خاليةً من أي حقوق نشر ومسموحًا بعرضها في المقال حتى لا تضع نفسك تحت طائلة القانون.
تلك هي أهم النصائح والتوجيهات البسيطة عن كيفية كتابة مقال علمي، وتجعل القارئ يُكمل المقال إلى نهاية السطور ويخرج بمعلومةٍ مفيدةٍ يُريد الكاتب توصيلها للقارئ.