المحتوى العربي تتكاثر الأقاويل حول مدى فاعليته على الإنترنت، كما تتباين الإحصائيات حول نسبة المحتوى العربي على الإنترنت؛ فهناك إحصاءات تقول بأن المحتوى العربي يشكل 3% فقط من المحتوى الرقمي، رغم وجود إحصاءات أخرى تؤكد أن نسبة المحتوى العربي لا تتجاوز1% من مجموع المحتوى الرقمي، فما المقصود بالمحتوى العربي؟
المحتوى العربي: يقصد به مجموع الصفحات والمواقع المكتوبة باللغة العربية، ويشمل الأمر كذلك المحتوى المسموع والمشاهد على يوتيوب الذي يدعم اللغة العربية، وبقية مواقع الفيديو والكتب الإليكترونية والأبحاث المنشورة باللغة العربية.
ويعود تدني نسبة المحتوى العربي عبر الإنترنت إلى عدة أسباب نذكر منها:
أولا: ضعف البنية التحتية: في دولة كمصر يبلغ تعداد سكانها المائة مليون تقريبا، وهي الدولة الأكبر عربيا والمفترض أن تكون نسبة مشاركتها في المحتوى العربي عبر الإنترنت هي الأكبر، ومع ذلك تركت النسبة الأكبر من المشاركة في المحتوى العربي للمملكة العربية الأردنية، المتواضعة نسبيًّا من حيث عدد السكان وعدد مستخدمي الإنترنت.
ثانيا: انتشار الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط؛ فمثلا حرب الخليج والحرب على العراق كبَّدتا الدول العربية الكثير والكثير من الخسائر، واستحوذت على اهتمام القطاع الأكبر من السكان إعلاميا، كما أن الثورات وما تلاها من صراعات على السلطة قلصت حجم المحتوى العربي على الإنترنت لصالح أشياء أخرى مثل متابعة الأخبار، وخلافه، وتناست المحتوى العربي الحقيقي القائم على البحث والاستقصاء ونشر المفيد.
ثالثا: تراجع سوق المحتوى العربي؛ إذ إن تكلفة النقر في برنامج مثل (جوجل أدسنس للإعلانات) متدنية بالنسبة للإعلانات العربية، في حين أنها مرتفعة في المحتوى الإنجليزي، الذي تعيش دوله أسعد أيامها من الاستقرار، ناهيك عن ارتفاع ميزانيات البنية التحتية القوية، فيلجأ المدونون العرب كثيرا إلى التدوين باللغة الإنجليزية ويبتعدون عن اللغة العربية الفقيرة من حيث تكلفة النقر، وكذلك من حيث رواد الإنترنت ومستخدمي الشبكة.
رابعًا: الفقر الذي يخيم على أغلب سكان الوطن العربي: يجعلهم ينشغلون أولا بلقمة العيش بدلا من السعي خلف المحتوى العربي على الإنترنت، الذي يمثل لهم رفاهية لا علاقة لها بنمط عيشهم.
خامسًا: انتشار الأمية القرائية والأمية التكنولوجية: قلص من ازدياد عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي، الذي بات فقيرا في الأسلوب وفي الكم، ويبقى المحتوى الإنجليزي هو السيد بنسبته في بعض الإحصاءات التي تزيد على 50%، فيما يعزز المقولة التي تروج للغة الإنجليزية على أنها سيدة اللغات، وذلك لأسباب عديدة نذكر منها:
أولا: غنى الدول الناطقة بالإنجليزية، والتي تقدم المحتوى الإنجليزي بالكوادر البشرية المدربة والتي تحسن تحرير المحتوى الإنجليزي، بل وتبيعه على مدار الأربع والعشرين ساعة مقارنة بمحتوى اللغات الأخرى.
ثانيا: التقدم والتطور التقني والبنية التحتية التي تتيح الاتصال بالإنترنت، وهذا يمهد لاستخدام أرقى للإنترنت، وبالتالي إمكانية بناء المحتوى الإنجليزي الفعال، كما أن شبكة المعلومات الدولية تتحكم فيها بنسبة كبيرة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي دولة لغتها الرسمية الإنجليزية، وأيضًا مجموع قواعد بيانات الشركات الصناعية، والتي خضعت لفهرسة محركات البحث فيما بعد وإلى الآن كتبت أغلبها باللغة الإنجليزية.
ثالثا: كثرة الدول الناطقة بالإنجليزية والدول التي تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة تعليم ودراسة، وكلغة رسمية؛ مما يعزز فرص بقاء المحتوى الإنجليزي على الشبكة العنكبوتية سيدًا.
رابعا: ازدياد دور المؤسسات والمجتمع المدني الذي يروج للغة الإنجليزية، وعلى المستوى الرسمي تحظى اللغة الإنجليزية بتأييد واسع؛ إذ تنتشر المراكز الثقافية التي تعلم اللغة الإنجليزية على مستوى العالم؛ مما يساعد على زيادة المحتوى الإنجليزي على الشبكة العنكبوتية.
خامسا: ازدياد تكلفة النقر والإعلان باللغة الإنجليزية؛ مما يحفز على العمل على الإنترنت باللغة الإنجليزية، وبالتالي يصب ذلك في صالح المحتوى الإنجليزي.