ماذا يُقصد بالمحتوى العربي؟
هو ما تم إدراجه من محتوى مقروءٍ أو مسموعٍ باللغة العربية على شبكة الإنترنت، سواء كان مكتوبًا في المواقع أو صفحات الويب أو الفيديوهات أو الكتب الإلكترونية أو غير ذلك، وبحسب دراسات معنية فقد أشارت إلى أن المحتوى العربي في الوقت الحالي يحتل المركز السابع على الشبكة الدولية للمعلومات مقارنة بلغات أخرى مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية، وأن نسبة المحتوى العربي لا تتجاوز ٤ % من إجمالي المحتوى العالمي، رغم أن عدد مستخدمي الإنترنت من العرب يتجاوز ٩٠ مليون مستخدم.
ومن البديهي قبل أن نبحث عن حل لمشكلة ضعف المحتوى العربي أن نضع أيدينا على العوامل والأسباب التي أدت إلى هذا الضعف، ومن ثم يكمن الحل في مُعالجة هذه الأسباب، فما هي أهم العوامل المؤثرة في ضعف المحتوى العربي على شبكات الإنترنت؟
من أهم الأسباب التي تجعل المحتوى العربي ضعيفًا مقارنة بالمحتوى الإنجليزي هو:
1- الاعتماد على آلية النسخ واللصق في التدوين، أو في إضافة محتوى للموقع، خاصة إذا كانت تلك المواضيع المنسوخة غير موثوق منها، ولا تعتمد على مصادر أو مراجع علمية، فتكون الطامة أكبر في هذه الحالة، وبالطبع فإن تكرار المواضيع لا يساهم في إثراء المحتوى العربي.
2- كذلك فإن الكاتب أو المؤلف، أو من يمتلك سبقًا فكريًّا في مجال ما لا يجد الضمان لحقوق الملكية الفكرية الخاصة به، لذا فهو يخشى نشر محتواه على المواقع فيكون عرضة للسرقة والانتحال الفكري.
3- ومن بين الأسباب المؤدية إلى ضعف المحتوى العربي هو أن عددًا كبيرًا من الجامعات والمؤسسات العلمية تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة أساسية في عملية التدريس، لذا فإن طلابها يستخدمون كذلك اللغة الإنجليزية في التدوين على شبكة الإنترنت.
4- تُعدُّ الكتابة العشوائية دون الاستناد إلى مراجع ومصادر علمية من الأسباب التي تضعف المحتوى العربي، وتجعل المستخدم يعزف عن استخدامه كمرجع معلوماتي له.
5- انتشار المحتويات المكررة في عدد كبير من المواقع والمنتديات.
6- وكعامل من العوامل الأساسية فإن المواقع العربية المتخصصة هي في حكم القليل، بل النادر بالنسبة للمواقع الانجليزية المتخصصة.
7- يمكن كذلك أن نعتبر أن المبادرات التي تسعى لإثراء المحتوى العربي قليلة ولا تواكب عصر الانفتاح المعلوماتي.
8- صعوبة حركة الترجمة خاصة للمقالات المتخصصة في مجالات معينة كالبرمجة فهي تحوي مصطلحات في اللغة الإنجليزية قد يواجه المترجم صعوبة في إيجاد ما يقابلها باللغة العربية.
9- قلة عدد المتخصصين العرب في كتابة المحتوى العربي، وإدراجها على صفحات الويب.
10- الاعتماد على الوسائل التقليدية في نشر المعرفة والثقافة بعيدًا عن الوسائل الالكترونية إما بسبب الافتقار لكيفية استخدامها أو عدم الاقتناع بها كوسيلة لنشر المعرفة.
11- المستخدم العربي بصفة عامة قل أن يوجه اهتمامه إلى الاطلاع على الثقافة والمعرفة فضلًا عن أن يهتم بتدوينها ونشرها على المواقع الإلكترونية.
12- قلة وضعف أدوات وبرامج مُعالجة المحتوى العربي على الحاسوب وذلك مثل برامج التدقيق اللغوي وغيرها، فهي إما أن تكون: غير متوفرة أو ضعيفة الجودة أو باهظة التكاليف.
13- كثير من الدول العربية، خاصة من دول العالم الثالث تعتبر حديثة عهد بعالم الإنترنت، وكثير من مواطني هذه الدول يفتقرون إلى المهارات اللازمة للتعامل مع شبكات الإنترنت.
14- ولا ننسَ عاملًا مهما كذلك يتمثل في نسبة الأمية في الوطن العربي والتي بلغت ٢٠٪ من مجمل سكانها.
15- وبالطبع فإن ضعف الموارد المالية وقلة المؤسسات والقطاعات الحاضنة تساهم بشكل كبير في عدم القدرة على إثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت بما يتناسب مع عدد مستخدميه من العرب.
وجهة نظر مختلفة
البعض لهم وجهة نظر مختلفة في هذه القضية تتمثَّل في أن المقارنة بين المحتوى العربي والمحتوى الانجليزي هي مقارنة غير عادلة، وفي شرحهم لأسباب ذلك هو أن العرب أيضًا، بل وكل بلدان العالم يساهمون في إثراء المحتوى الإنجليزي، خاصة في المجالات الأكاديمية باعتبار أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للتعامل في كثير من الدول، بينما العرب وحدهم هم من يساهمون في كتابة المحتوى العربي على الإنترنت.
هل هناك حلول أو اقتراحات تساهم في حل مشكلة ضعف المحتوى العربي، وهل من طريقة نستطيع بها إثراءه، وجعله في مستوى أفضل مقارنة مع بقية اللغات الأخرى؟
هناك العديد من الحلول يمكننا طرحها تساهم في إثراء المحتوى العربي على شبكات الإنترنت، ومن بينها:
1- ينبغي لكل صاحب فكرة جديدة مشاركتها على شبكات الإنترنت بهدف الارتقاء بمستوى المحتوى العربي، كذلك فإنه من المهم أن تكون كتابة المحتوى بأسلوب علمي يهدف إلى إفادة العقل العربي.
2- الاعتزاز بلغتنا العربية له أثر كبير في إثراء المحتوى العربي، فلماذا يعمد المتحدثون بالعربية إلى كتابة المحتوى الخاص بهم بلغات أخرى؟
3- من الطرق الإيجابية كذلك الاهتمام بتحسين مستوى ويكيبيديا العربية تلك التي تفتقر إلى: المصادر الموثوق بها، والأسلوب الخالي من الأخطاء اللغوية، ودعم المقالات بالصور.
4- يمكننا كذلك إثراء المحتوى العربي عن طريق حركة الترجمة شرط أن تكون المقالات مترجمة بطريقة احترافية حتى لا يشعر القارئ بأنها محولة من لغة أخرى، يمكن أن نترجم جميع المجالات ونثري بها المواقع وصفحات الويب العربية.
5- تنظيم جهود جماعية هدفها إثراء المحتوى العربي، ووضع خطط منظمة بغرض تحقيق هذا الهدف.
6- يمكن كذلك أن تقوم الجهات المعنية بتحويل عملية التدوين إلى وظيفة تكفل للمدون حياة كريمة.
7- من الحلول كذلك نشر رسائل الماجستير والدكتوراه على المواقع الخاصة بالجامعات.
8- وضع خطط ومنهجيات مدروسة لمُعالجة الفجوة التقنية لدى المستخدم العربي.
9- لدى العرب مكتبة ضخمة من الكتب في مختلف المجالات، والتي ما زالت محفوظة على هيئة كتب ورقية، ولم تدرج بعد ضمن المحتوى العربي على الإنترنت، ماذا لو قمنا بإدخال هذه الكتب إلى شبكات الإنترنت؟ بالطبع سيساهم هذا الأمر كثيرًا في إثراء المحتوى العربي، إضافة إلى كونه مصدرًا ومرجعًا علميًّا يمكن الوثوق به في إنتاج مواضيع متخصصة وإثراء المحتوى العربي بها.
10- تقديم المبادرات من قبل المؤسسات والجهات المعنية، والتي تهتم بـ:
• وصول أجهزة الحواسب لأكبر عدد من المستخدمين.
• توفير خدمات الاتصال بالإنترنت على نطاق واسع خاصة في الأماكن العامة مثل المؤسسات التعليمية والحدائق والمراكز التجارية وغيرها.
• نشر الوعي بأهمية المحتوى العربي على الإنترنت ومدى مساهمته في تنمية كافة الجوانب المجتمعية، وكذلك توعية المستخدمين بأهمية وطرق تطويره وإثرائه.
وأخيرًا، فإن يدًا واحدة لا تُصفِّق، فلا بُدَّ لرفع مستوى محتوانا العربي على شبكة الإنترنت، وتحسين وضعه من تضافر كافة الجهود على المستوى الفردي والجماعي والمؤسسي.