أصبح العالم الآن قرية صغيرة، وهذا بفضل التكنولوجيا، ممَّا زاد من حاجة الناس إلى الترجمة أكثر من أي وقت سبق، وهذا ما جعل نشاط الترجمة يُواجه الكثير من التحديات والعقبات، وخاصة الترجمة إلى اللغة العربية، وسوف نقوم بعرض بعض الأخطاء التي يقع فيها المترجم العربي، والتحديات الكثيرة التي تواجهه في المجال وأثناء العمل، والتي لا تختلف إذا كان كانت مشاريع كبيرة أو صغيرة لأنها تحديات تكاد تكون موحدة وتُواجه الجميع، مثل توحيد المصطلحات، وخاصة في حالة أن يعمل أكثر من مترجم على مشروع واحد.
ثم ننتقل إلى قضية أخرى، وهي أكثر تعقيدًا، وهي قضية اللهجات، فأصبح الآن كل مترجم حبيس دولته ولا يعرف سوى لهجتها، والتي تتميز بها عن باقي الدول العربية، وعلى الرغم من أنها مشتقة من اللغة العربية الفصحى فإنها تحتوي على بعض الألفاظ الأعجمية المختلفة، التي تختلف باختلاف الاحتلال الذي حدث قديمًا في هذه الدول، فمثلًا، في بلاد المغرب نرى الكثير من الألفاظ الفرنسية الدخيلة على اللغة، وقد لا يعتقد البعض أن هذه ألفاظ فرنسية الأصل، مما جعل الكثير من المترجمين يعتمدون على الأمور التقليدية القديمة في استخدام الورقة والقلم واتَّجهوا إلى وسائل الترجمة الإلكترونية المختلفة التي تقوم بترجمة النصوص بضغطة واحدة، وعلى الرغم من أنها كثيرة الأخطاء فإنها توفر الكثير من الوقت والجهد على المترجم من عملية البحث في القاموس وهذا بالطبع خطأ كبير جدًا.
ولكن لا يمكن أن نُنكر أن هذه الأخطاء التي تحدث للمترجمين قد لا تكون عن قصد، بل في الأغلب تكون نتيجة لضغط العمل وضيق الوقت، فالمترجمون يعملون في سوق سريع ولا يرحم، والمنافسة فيه كبيرة، وإن سقط المترجم فيه أو فقد الثقة بينه وبين العملاء فإنه سوف يأخذ الكثير من الوقت من أجل استعادة هذه الثقة مرَّةً أخرى، كما هو الحال ذاته في الترجمة الفورية التي يقع المترجم في الكثير من زلات اللسان، ومن ضمن الأخطاء التي تحدث عن عدم قصد حين يوزع مشروع واحد على عدة مترجمين، وكما هو معروف فإن لكل مترجم أسلوبه الخاص، ولكن هذا قد لا يظهر إلا من خلال ترجمة المصطلحات والاختصارات، فالحال هنا هو أنهم يعملون في مكان واحد لتجنُّب مثل هذه الأخطاء، ولكن كيف؟ فللأسف ففي مهنة كالترجمة في أغلب الأحيان يعمل كل مترجم من منزله ولا يوجد كيان واحد يعمل في الجميع إلا في حالات قليلة.
وعلى سبيل المثال حينما تترجم كلمة مثل مطالبة تأمينية؛ فترجمها البعض Insurance Policy على أنها بوليصة تأمين، وترجمها البعض على أنها وثيقة تأمين، وعلى الرغم من صحة الترجمتين فإن عدم التوحيد يظهر النص المترجم مُهلهلًا ويتضح منه مشاركة عدد كبير من المترجمين في ترجمته، ويتمثل التحدي الرئيسي للمراجع في توحيد الأسلوب والمصطلحات ليبدو النص كما لو كان مترجمًا واحدًا هو الذي نقله للعربية. ومثال آخر يتعلق بطريقة كتابة التواريخ؛ هل تترجم كلمة April إلى أبريل أم نيسان أم كليهما (أبريل/ نيسان)؟ هل تترجم كلمة Bolts إلى المسامير أم البراغي.
وللتغلُّب على مثل هذا الاختلافات والمشاكل من الممكن أن نتَّبع التالي:
أولًا: توافر مسرد للمصطلحات والأسماء والاختصارات المكررة مع شرح لها بشكل مختصر، وذلك من أجل توحيد ترجمتها في سائر النص.
ثانيًا: توافر دليل لغوي مثل ما تفعله الكثير من وكالات الأنباء ومؤسسات الترجمة الكبرى، ويكون مُحتوى هذا الدليل هو ترجمة الاختصارات والمصطلحات أو اتِّباع طرق معينة في التعامل معها وكيفية ترجمتها، بالإضافة أيضًا إلى إتباع الطريق الأمثل لكتابة العناوين والتواريخ.
ومثل هذا الدليل يحتوي على أمور عديدة حتى أنه يتناول الأخطاء الشائعة وطريقة تجنُّبها أو البدائل المتاحة، كما يحتوي على بعض التعليمات الخاصة بهمزة الوصل وألف القطع والمشكلات المتعلقة بالرسم الهجائي (مثل كلمة مسؤولية أو مسئولية). وهذا الدليل يفيد أيضًا في عملية المراجعة وتوكيد الجودة، حيث يمثل المرجع النهائي الذي يحيل إليه المترجم والمراجع على حد سواء لتجنُّب العديد من هذه المشكلات.
ثالثًا: توفير قاعدة بيانات تكون ضمن برامج الترجمة ويكون دورها تصحيح الأخطاء تلقائيًّا، وذلك من أجل تجنُّب مثل هذه الأخطاء ومثل عدم توحيد وعدم اتِّساق النص في أسلوب واحد.
وفي الختام لقد قُمنا بعرض بعض من هذه المشكلات التي تواجه المترجمين في عملهم، وخاصة في حالة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، وتعرضنا هنا أيضًا للأسباب التي تؤدى إليها، وقدَّمنا حلًا يُعتبر مقبولًا وسهل التنفيذ ليساعد على التغلب على هذه المشاكل، والتي من الممكن مع مرور الزمن والتقدم التكنولوجي المستمر أن توجد حلول أكثر فاعلية ودقة منه، لأن هذه المهنة متجددة بطبيعتها وليست رتيبة، مثل باقي المجالات فاللغة دائمًا في تجدد وكل يوم تخلق استراتيجية جديدة في الترجمة، وهي مهنة تختلف فنونها من فرد إلى آخر بحكم بيئة وثقافة كل فرد.